وان البحث في الإمامة كالبحث في النبوّة عند الشيعة ، لا يجوز فيه تقليد الأجداد والآباء والزعماء ، وإنما يجب تمحيص الأمر على ضوء القواعد العقلية ليتم الإيمان بأن الإمام هو خليفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ونائبه العام المتبع في حفظ نواميس الشريعة وإقامة كيان الملة والحافظ لقوانينها دينية كانت أو دنيوية.
وذهب الإمامية إلى أن نصب الإمام واجب عقلا بخلاف بقية طوائف الإسلامية واستدلوا بأدلة عقلية بوجوه :
الاول : ان عادة الله تعالى من آدم إلى خاتم الأنبياء أنه لم يقبض نبيّا حتى عين له خليفة ووصيا ، وجرت عادة نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه متى سافر عين خليفة في المدينة ، وعلى هذا جرت طريقة الرؤساء والولاة ، فكيف تخلفت هذه السنة التي لن تجد لها تبديلا ، وهذه العادة التي لم يكن عنها تحويلا بالنسبة إلى خاتم الأنبياء المرسل الى هذه الامة المرحومة بأن يهملها ويتركها سدى ، هذا كله مع انقطاع شرائع الأنبياء والرسل وبقاء التكليف في الشريعة الإسلامية إلى يوم القيامة.
الثاني : ان رتبة الإمامة كالنبوّة كما عرفت ، فكما لا يجوز للخلق تعيين نبي فكذا لا يجوز لهم تعيين إمام ، وأيضا العقول قاصرة والافهام حاسرة عن معرفة من يصلح لهذا المنصب العظيم والأمر الجسيم ، والوجدان يغن عن البيان ، فكم رأينا أهل العقل والحل والعقد اتفقوا على تعيين وال في بلد أو قرية أو حاكم ، ثم تبين لهم خطأهم في ذلك ، فغيروه وبدلوه ، فيكف تفي العقول الناقصة بتعيين رئيس عام على جميع الخلائق في أمور الدين والدنيا ، وأيضا العصمة شرط في الإمامة كما تقدم في بحث النبوة ، ويأتي وهي من الامور الباطنية التي لا يطلع عليها إلا العالم بما في الضمائر والمطلع على ما في السرائر.
الثالث : انه قد دل العقل والنقل على أنه يجب على الله أن يفعل بعباده ما هو الاصلح لهم ، ولا ريب انه لا يتم انتظام أمر المعاش والمعاد والدين والدنيا إلا بنصب رئيس ومعلم يرشد الناس إلى الحق عند اختلافهم وجهلهم ويردهم إليه