أصله فهذه الأسماء والصفات الذاتية والفعلية ليست بالتي تحكى عن حيثيات مختلفة مركبة منها الذات وإلا أصبحت الذات مركبة فمحتاجة فممكنة ، وإنما هي ولا سيما الصفات الذات ـ تعابير عن ذات واحدة اختلفت لفظيا لكي نتعرف إلى جمعية الذات لكافة الكمالات ، ولكنه علينا من وراء ذلك أن تجرد ذاته تعالى عن الكثرات والتركبات إذا فليس ذاته اسما لا لفظيا ولا تكوينيا ـ من خلقه ولا جوهريا معنويا في ذاته ، وإنما هو الذات المجردة عن أي تركب وعروض وحدوث وعن كل ما يتنافى في ألوهيته وسرمديته وغناه.
وقول من قال أنه تعالى جسم لا كالأجسام لا يخرجها عن الجسمانية أو أنه تناقض ، فإن كيان الجسم مهما كان هو التركب وإمكان وواقعية الحركة والسكون والحد والتغير وأخيرا لا أقل من تركب ما ، وحد ما.
وهما ينافيان الأزلية اللانهائية ، فإن كان ذاته تعالى جسما لا كالأجسام في الكثير من لوازم الجسمية فلا بدّ أن يشاركها في أصل الجسمية حتى يصدق عليه أنه جسم ولو عني هذا القائل من نفي الجسمية عنه تعالى نفيه إطلاقا ، فلما ذا يقول أنه جسم ألفظا دون أن يحمل معناه الموضوع له فمهمل أو يحمله فمتناقض ويرجع القول أنه جسم لا كالأجسام إلى القول أنه جسم لا جسم مجمع المتناقضين في الذات وأما النقض بالقول أنه شيء لا كالأشياء كما في الرواية فغير ناقض لأن أصل الشيئية لا تقتضي اقتضاء الجسمية من التركب والحد بل تغني الشيئية هنا أصل الوجود ، ولكن لا كسائر الوجود صيغة أخرى عن القول (أنه خارج عن الحدين : حد الابطال وحد التشبيه) فهو تعالى شيء ولكنه يبرأ من ـ حد التناقض كافة ما سواه في الذات وفي الصفات.
(ولا مثل) بمعنى الآية الدالة على ذي الآية ، فالكون كله مثله أي آيته على شتى المراتب (وله المثل الأعلى في السماوات والأرض). والمثل فرع يدل على الممثل عنه وليس الله فرعا للكون حتى يصبح مثلا له لا مثلا أعلى ولا سواه.
(ولا شبه) لا يشبهه شيئا ولا يشبهه شيء إذ أن المشابهة تقتضي الشركة في