قولهم زيدٌ أخوك حَقًّا فقال لم يمنع سيبويه تقديمَ حَقًّا ألا تَراهُ قال أَجِدَّكَ لا تَفْعَلْ أى حَقًّا منك لا تَفْعَلْ فقَدَّمه وللمُحْتَجِّ الذى لم يَرَ تقديمَ حقا أن يقول ان أَجِدَّك ليستْ ههنا مُقدَّمَةً لان حرف الاستفهام يقتضى الفعل فاذا كان كذلك لم تكن أجِدَّك مُقَدَّمةً لانها بعد الفعل* أبو عبيد* ومثلُ أَجِدَّكَ قِعْدَكَ لا آتيك وقَعِيدَكَ وأنشد
قَعِيدَكِ أَنْ لا تُسْمِعِينِى مَلَامةً |
|
ولا تَنْكَئِى قَرْحَ الفُؤادِ فيِيْجَعَا |
وسيأتى شرحُ نَصْبه في باب تقديسِ اللهِ عزوجل* ابن دريد* عَزَمْتُ عليكَ لَتَفْعَلَنَّ ـ أقْسَمْتُ عليك وقال عَزَم الرَّاقِى كانه أقسم على الداء وعَزَمَ الحَوَّاءُ ـ اسْتَخْرَج كانه يُقْسِمُ عليها ويُعاهدها والقَسَامةُ ـ الجَماعةُ يَشْهَدُونَ على الشئ أو يَحْلِفُون لانهم يُقْسِمُونَ عليه وقال لا جَرَمَ لَافْعَلَنَّ كذا ـ معناه حَقًّا لأفعلنّ وأما لا جَرمَ أن لَهُمُ النارَ ـ فان الخليل وسيبويه ومن تبعهما من البصريين يجعلون جَرَمَ فِعْلا ماضيا ويجعلون لا داخلةً عليها فمنهم من يجعلهما جوابا لما قبلهما وهم الخليل ومن تابعه ومثلُه يقول الرجل كان كذا وفعل كذا فيقول لا جَرَمَ أنهم سيندمون وبَيَّنَ غيرُ الخليل أنه رَدٌّ على أهل الكفر فيما قَدَّرُوه من اندفاع عقوبة الكُفْر ومَضَرَّتِه عنهم يومَ القيامة واختلفوا في معنى جَرَم اذا كان فعلا ماضيا قال سيبويه حَقَّ أن لهم النارَ واستدل على ذلك بقول المفسرين معناه حَقًّا أن لهم النارَ وبقول الشاعر
* جَرَمَتْ فَزارَةَ بَعْدَها أن يَغْضَبُوا*
أى حَقَّتْهُم بالغَضَب ورَدَّ على ذلك مَنْ بعده من البصريين وقال غيره جَرَمَ بمعنى كَسَبَ واسْتَدَلَّ على ذلك بقوله جل وعز (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ) أى لا يَكْسِبَنَّكم وبقوله عزوجل (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا) أى لا يَكْسِبَنَّكُم وبقول الشاعر
جَرِيمةُ نَاهِضٍ في رأسِ نِيقٍ |
|
تَرَى لِعِظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا |
جريمة ـ كاسبةُ يعنى عُقَابا ونَاهِض فَرْخٌ فالعُقَابُ تَكْسِبُ لِفَرْخِها ما يأكله وعلى ذلك تَأَوَّلَ* جَرَمَتْ فَزارةَ* أى كَسَبَتْ فَزارةَ الغَضَبَ واختلفوا في فاعل جَرَم اذا كان فعلا ماضيا فقال المبرد أنَّ في موضع رفع بجرم كأنه قال حَقَّ كونُ النار لهم