وكاتب في غضون ذلك الملك العادل نور الدّين يستنجد به ، وسوّد كتابه ، وجعل في طيّه ذوائب النّساء ، وواصل كتبه يستحثّه ، فكان بحلب ، فساق أسد الدّين من حمص إلى حلب في ليلة (١).
قال القاضي بهاء الدّين يوسف بن شدّاد (٢) : قال لي السّلطان صلاح الدّين : كنت أكره النّاس في الخروج إلى مصر هذه المرّة ، وهذا معنى قوله :
(فَعَسى (٣) أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (٤).
[دعوة صلاح الدين لدخول مصر]
وقال ابن الأثير (٥) : حكي عن صلاح الدّين قال : لمّا وردت الكتب من مصر إلى نور الدّين أحضرني وأعلمني الحال ، وقال : تمضي إلى عمّك أسد الدّين مع رسولي تحثّوه على الحضور. ففعلت ، فلمّا سرنا عن حلب ، ميلا لقيناه قادما ، فقال له نور الدّين : تجهّز. فامتنع خوفا من غدرهم أوّلا ، وعدم ما ينفقه في العسكر آخرا ، فأعطاه نور الدّين الأموال والرجال ، وقال : إن تأخّرت عن مصر سرت أنا بنفسي ، فإن ملكها الفرنج لا يبقى معهم بالشّام مقام.
__________________
= الشامي ١ / ٧٤ ، المغرب في حلى المغرب ٩٥ ، ٩٦ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٤٧ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٧٤ ، العبر ٤ / ١٨٤ ، دول الإسلام ٢ / ٧٧ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٥٥ وفيه : «وعجّل لهم من ذلك ثمانمائة ألف دينار» ، تاريخ ابن الفرات م ٤ ج ١ / ٢٤ ، ٢٥.
(١) الكامل ١١ / ٣٣٨ ، التاريخ الباهر ١٣٩ ، الروضتين ج ١ ق ٢ / ٣٩١ ، ٣٩٢ ، سنا البرق الشامي ١ / ٧٥ ، زبدة الحلب ٢ / ٣٢٦.
(٢) في النوادر السلطانية ٣٩.
(٣) في الأصل : «وعسى» وهو غلط.
(٤) سورة النساء ، الآية ١٩ ، والنص في (النوادر) : «كنت أكره الناس للخروج في هذه الدفعة ، وما خرجت مع عمّي باختياري ، وهذا معنى قوله سبحانه وتعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)».
(٥) في الكامل ١١ / ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، والتاريخ الباهر ١٤١ ، وانظر : النوادر السلطانية ٣٨ ، ٣٩ ، والروضتين ج ١ ق ٢ / ٣٩٣ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٤٧.