زحمة ، وما في قلوبهم رحمة ، فقال أصحابنا : إن فشلنا عنهم سلونا البقاء ، وما في عادتهم العادية شيء من الإبقاء ، فهاجوا إلى الهيجا ، وكان المقدّم الأمير أبو الهيجا (١) ، واتّصلت الحرب بين القصرين ، ودام الشّرّ يومين ، وأخرجوا عن منازلهم العزيزة إلى الجيزة (٢) ، وكانت لهم محلّة تسمّى المنصورة (٣) ، فأخربت وحرثت.
ولمّا عرف نور الدّين النّصر ، واستقرار ملك مصر ، ارتاح سرّه ، وانشرح صدره ، وأمدّ الصّلاح بأخيه شمس الدّولة توران شاه (٤).
ملك إلدكز الريّ
قلت : وأمّا مملكة الرّيّ فكانت بيد إينانج يؤدّي حملا إلى إلدكز صاحب أذربيجان ، فمنعه سنتين ، وطالبه ، فاعتذر بكثرة الجند والحاشية ، فقصده إلدكز ، فالتقيا وعملا مصافّا ، فانهزم إينانج ، وتحصّن بقلعة ، فحصره إلدكز فيها. ثمّ كاتب إينانج وأطمعهم ، فقتلوه ، وسلّموا البلد إلى إلدكز ، فلم يف لهم بما وعد ، وطردهم ، فظفر خوارزم شاه بالّذي باشر قتل إينانج ، فأخذه وصلبه. وأمّا إلدكز فعاد إلى همذان ، وكان هذه المدّة قد سكنها (٥).
[تملّك شملة بلاد فارس وردّه]
وفيها تملّك الأمير شملة صاحب خوزستان بلاد فارس ، ثمّ حشد صاحبها وجمع ، وحارب شملة ونصر عليه ، فردّ شملة إلى بلاده (٦).
__________________
(١) في مفرّج الكروب ١ / ١٧٦ «أبو الهيجاء السمين» ، ومثله في سنا البرق الشامي ١ / ٨٤.
(٢) في الروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٥١ : «وأخرجوا إلى الجيزة ، وأذلّوا بالنفي عن منازلهم العزيزة».
(٣) محلّة المنصورة على باب زويلة. ذكرها المقريزي في (المواعظ والاعتبار) وقال إنها كانت كبيرة متّسعة ، وبها منازل عدّة للسودان ، أمر صلاح الدين بتخريبها بعد وقعة سنة ٥٦٤ التي نكّل فيها بالثائرين منهم. (الروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٥٢ بالمتن والحاشية).
(٤) سنا البرق الشامي ١ / ٨٤.
(٥) الكامل ١١ / ٣٤٨ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٤٨ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٧٧ ، تاريخ ابن سباط ١ / ١٢٥.
(٦) الكامل ١١ / ٣٤٧.