للمستضيء بأمر الله ، فلم ينكر ذلك أحد. فلمّا كانت الجمعة التّالية أمر صلاح الدّين الخطباء بقطع خطبة العاضد ، ففعل ذلك ، ولم ينتطح فيها عنزان (١). والعاضد شديد المرض ، فتوفّي يوم عاشوراء ، واستولى صلاح الدّين على القصر وما حوى ، وكان فيه من الجواهر والأعلاق النّفيسة ما لم يكن عند ملك من الملوك ، فمنه القضيب الزّمرّد ، طوله نحو قبضة ونصف ، والجبل الياقوت ، ومن الكتب الّتي بالخطوط المنسوبة نحو [مائة] ألف مجلّد (٢).
[بداية المنافرة بين صلاح الدين ونور الدين]
وذكر أشياء ، ثمّ قال (٣) : وفي هذه السّنة حدث ما أوجب نفرة نور الدّين عن صلاح الدّين. أرسل نور الدّين إليه يأمره بجمع الجيش ، والمسير لمنازلة الكرك ، ليجيء هو بجيشه ويحاصرانها. فكتب إلى نور الدّين يعرّفه أنّه قادم. فرحل على قصد الكرك وأتاها ، وانتظر وصوله ، فأتاه كتاب يعتذر باختلاف البلاد ، فلم يقبل عذره. وكان خواصّ صلاح الدّين خوّفوه من الاجتماع ، وهمّ نور الدّين بالدّخول إلى مصر ، وإخراج صلاح الدّين منها. فبلغ صلاح الدّين ذلك ، فجمع أهله ، وأباه ، وخاله الأمير شهاب الدّين الحارميّ ، وسائر الأمراء ، وأطلعهم على نيّة نور الدّين ، واستشارهم فسكتوا ،
__________________
(١) تاريخ ابن سباط ١ / ١٣٠ ، ١٣١.
(٢) الكامل ١١ / ٣٦٩ ، ٣٧٠ وليس فيه عبارة : «نحو ألف مجلّد» ، والمستدرك من : التاريخ الباهر ١٥٧ ، وانظر الخبر في سنا البرق الشامي ١ / ١١١ ، وزبدة الحلب ٢ / ٣٣٣ ، والروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٩٢ ، ٤٩٤ ، وتاريخ الزمان ١٨٧ ، ومفرّج الكروب ١ / ٢٠٠ ـ ٢١٦ ، والنوادر السلطانية ٣٥ ، والمغرب في حلى المغرب ١٤١ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٥٠ ـ ٥١ ، والعبر ٢ / ١٩٤ ، ١٩٥ ، ودول الإسلام ٢ / ٨٠ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٧٩ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٦٤ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٧٩ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٥١ ، والسلوك ج ١ ق ١ / ٤٤ ، واتعاظ الحنفا ٣ / ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٥٥ ـ ٣٥٧ ، وشفاء القلوب ٧٥ ، ٧٦ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٣٠ ، ١٣١ ، وبدائع الزهور ج ١ / ق ١ / ٢٣٤ ، ٢٣٥.
(٣) في الكامل ١١ / ٣٧١ ـ ٣٧٣ ، والتاريخ الباهر ١٥٨ ، ١٥٩.