[رسالة ابن المقدّم إلى صلاح الدين وردّه عليها]
ولمّا بلغ صلاح الدّين سوء تدبير الأمراء في دولة ابن نور الدّين ، كتب إليهم ، ونهاهم عن ذلك. فكتب إليه ابن المقدّم يردعه عن هذه العزيمة ، ويقول له :
«لا يقال عنك إنّك طمعت في بيت من غرسك ، وربّاك وأنبتك (١) ، وصفّى (٢) مشربك ، وأصفى (٣) ملبسك ، وفي دست ملك مصر أجلسك ، فما يليق بحالك غير فضلك وإفضالك» (٤).
فكتب إليه صلاح الدّين : إنّه لا يؤثر للإسلام وأهله ، إلّا ما جمع شملهم ، وألّف كلمتهم ، وللبيت الأتابكيّ ، أعلاه الله تعالى ، إلّا ما حفظ أصله وفرعه (٥). فالوفاء إنّما يكون بعد الوفاة (٦) ، ونحن في دار ، والظّانّون بنا ظنّ السّوء في واد (٧).
[وعظ الطوسي بالتاجية وثورة الشيعة عليه]
وفيها وعظ الطّوسيّ بالتّاجيّة من بغداد ، فقال : ابن ملجم لم يكفر بقتله عليّا رضياللهعنه ، فجاءه الآجرّ من كلّ ناحية ، وثارت عليه الشّيعة ، ولو لا الغلمان الّذين حوله لقتل. ولمّا همّ الميعاد الآخر بالجلوس ، تجمّعوا ومعهم
__________________
(١) في الروضتين ج ١ ق ٢ / ٥٩٧ «وربّاك وأسّسك».
(٢) في الروضتين : «وأصفى».
(٣) هكذا في الأصل بالصاد المهملة. وفي الروضتين : «أضفى» بالضاد المعجمة.
(٤) في الروضتين : «وأجلى سكونك لملك مصر وفي دسته أجلسك ، فما يليق بمالك ، ومحاسن أخلاقك وخلالك ، غير فضلك وإفضالك» ، ومثله في : سنا البرق الشامي ١ / ٦١٨ ، مفرّج الكروب ٢ / ٨.
(٥) في الروضتين زيادة : «ورفع ضرّه وجلب نفعه».
(٦) في الروضتين زيادة : «والمحبّة إنما تظهر آثارها عند تكاثر أطماع العداة ، وبالجملة إنّا في واد ..».
(٧) الروضتين ج ١ ق ٢ / ٥٩٧ ، سنا البرق الشامي ١ / ١٦٩ ، مفرّج الكروب ٢ / ١٨.