أبو الحسن بن الدّجاجيّ ، البغداديّ ، الواعظ ، المقرئ.
قرأ ببعض الرّوايات على الزّاهد أبي منصور الخيّاط ، وأبي الخطّاب عليّ بن الجرّاح ، وسمع منهما ، ومن جماعة.
وأقرأ النّاس ووعظهم سنين.
سمع منه : عمر بن عليّ ، ويوسف بن أحمد الشّيرازيّ ، وعبد العزيز بن الأخضر.
وحدّث عنه : ابنه محمد ، ويعيش بن مالك الأنباريّ ، والشّيخ الموفّق ، والأنجب الحمّاميّ ، ومحمد بن حماد ، وآخرون.
ولد سنة ثمانين وأربعمائة ، وتوفّي في شعبان.
قال ابن الجوزيّ (١) : وتفقّه وناظر ووعظ ، وكان لطيف الكلام حلو الإيراد (٢) ، وسئل في مجلس وعظه عن أحاديث الصّفات ، فنهى عن التّعرّض لها ، وأمر بالتّسليم (٣).
__________________
(١) في المنتظم ١٠ / ٢٨٨ (١٨ / ١٨٣).
(٢) زاد في المنتظم : «ملازما للمطالعة إلى أن مات».
(٣) زاد ابن الجوزي : وأنشد :
أبى الغائب الغضبان يا نفس أن يرضى |
|
وأنت التي صيّرت طاعته فرضا |
فلا تهجري من لا تطيقين هجره |
|
وإن همّ بالهجران خدّك والأرضا |
وقال ابن الجوزي : أنبأنا سعد الله بن نصر قال : كنت خائفا من الخليفة لحادث نزل ، فاختفيت فرأيت في المنام كأني في غرفة أكتب شيئا ، فجاء رجل فوقف بإزائي وقال : أكتب ما أملي عليك ، وأنشد :
ادفع بصبرك حادث الأيّام |
|
وترجّ لطف الواحد العلّام |
لا تأيسن وإن تضايق كربها |
|
ورماك ريب صروفها بسهام |
فله تعالى بين ذلك فرجة |
|
تخفى على الأبصار والأوهام |
كم من نجا من بين أطراف القنا |
|
وفريسة سلمت من الضرغام |
وقال : ودفن إلى جانب رباط الزوزني في إرضاء الصوفية لأنه أقام عندهم مدة حياته فبقي على هذا خمسة أيام وما زال الحنابلة يلومون ولده على هذا ويقولون : مثل هذا الحنبلي أيّ شيء يصنع عند الصوفية؟ فنبشه بعد خمسة أيام بالليل وقال : كان قد أوصى أن يدفن عند والديه ودفنه عندهما.