والخلافة إذا ذكّر بها أهل الخلاف لم يخرّوا عليها [إلّا] (١) صمّا وعميانا. والبدعة خاشعة ، والجمعة جامعة ، والمذلّة في شيع الضّلال شائعة. ذلك أنّهم اتّخذوا عباد الله من دون أولياء ، وسمّوا أعداء الله أصفياء. وتقطّعوا في أمرهم شيعا ، وفرّقوا أمر الأمّة وكان مجتمعا. وكذّبوا بالنّار ، فعجّلت لهم نار الحتوف ، ونثرت أقلام الظّباء حروف رءوسهم نثر الأقلام للحروف. ومزّقوا كلّ ممزّق ، وأخذ منهم كلّ مخنق. وقطع دابرهم ، ووعظ آتيهم (٢) غابرهم. ورغمت أنوفهم ومنابرهم ، وحقّت عليهم الكلمة تشريدا وقتلا ، وتمّت كلمة (٣) ربّك صدقا وعدلا ، وليس السّيف عمّن سواهم من الفرنج (٤) بصائم ، ولا اللّيل عن السّير إليهم بنائم. ولا خفاء عن المجلس الصّاحبيّ أنّ من شدّ عقد خلافة ، وحلّ عقد خلاف ، وقام بدولة وقعد بأخرى قد عجز عنها الأخلاف والأسلاف ، فإنّه يفتقر (٥) إلى أن يشكر ما نصح ، ويقلّد ما فتح ، ويبلّغ ما اقترح ، ويقام (٦) حقّه ولا يطّرح ، ويقرّب مكانه وإن نزح ، وتأتيه التّشريفات الشّريفة».
إلى أن قال : «وقد أنهض لإيصال ملطّفاته ، وتنجز (٧) تشريفاته ، خطيب الخطباء بمصر ، وهو الّذي اختاره لصعود المنبر (٨) ، وقام بالأمر قيام من برّ ، واستفتح بلبس (٩) السّواد الأعظم ، الّذي جمع الله عليه السّواد الأعظم» (١٠).
__________________
(١) إضافة إلى الأصل.
(٢) في الروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٩٧ «آيبهم».
(٣) في الروضتين «كلمات» ، والمثبت يتفق مع الآية الكريمة رقم ١١٥ من سورة الأنعام.
(٤) في الروضتين : «من كفار الفرنج».
(٥) في الروضتين : «مفتقر».
(٦) في الروضتين «يقدّم».
(٧) في الروضتين : «تنجيز».
(٨) في الروضتين : «لصعود درجة المنبر».
(٩) في الروضتين : «بلباس».
(١٠) انظر : الروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٩٦ ، ٤٩٧.