تحوّل إلى دمشق. وكان شاعرا فاضلا ، كتب لملوك دمشق ، ثمّ كتب لنور الدّين رحمهالله. وعمّر دهرا ، وله قصيدة مشهورة يقول فيها :
من منصفي من ظالم متعتّب (١) |
|
يزداد ظلما كلّما حكّمته |
ملّكته روحي ليحفظ ملكه |
|
فأضاعني وأضاع ما ملّكته |
أحبابنا أنفقت عمري عندكم |
|
فمتى أعوّض بعض ما أنفقته؟ |
فلمن ألوم على الهوى وأنا الّذي |
|
قدت الفؤاد إلى الغرام وسقته (٢) |
__________________
(١) في مرآة الزمان : «متعنتا».
(٢) انظر أبياتا أخرى منها في : مرآة الزمان ٨ / ٢٨٩ ، وهي في : الوافي بالوفيات ١٧ / ٤٩ ، ٥٠ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٦٥.
والتقى به الحافظ السّلفي وقال إنه أنشده من شعر أبيه «أحمد بن الحسين» :
قد زارني طيف من أهوى على حذر |
|
من الوشاة وداعي الصبح قد هتفا. |
ثم قال : أبو محمد هذا من أعيان أهل الشام وأدبائهم ، وذكر لي أنه ولد بطرابلس وبها تأدّب على أبيه وغيره ، وقد علّقت عنه من شعر أبيه مقطّعات ، وكذلك من شعره هو. وقد كاتبته نظما وكاتبني ، وأصلهم من الكوفة. (معجم السفر ١ / ١٣٨).
وقال العماد الكاتب : أدركت حياته بدمشق ، وكان شيخا قد أناف على التسعين ، وقيل على المائة ، وكان مليح الخط حلوه ، فصيح الكلام صفوه.
وقبل قوله القاضي أبو سعد الهروي وعدّله ، ثم اختاره والي دمشق لكتابة الإنشاء في الديوان بعد الشاعر ابن الخياط. وكان جيّد الإنشاء ، له يد في النظم والنثر ، وقد تولّى كتابة الإنشاء لملوك دمشق إلى أن تملّكها نور الدين محمود بن زنكي ، رحمهالله. وكتب له أيضا مدّة يسيرة ، وله نظم ، مقبول وشعر معسول. (خريدة القصر ١ / ٣١٤).
ذكر ابن عساكر له قصيدتين ، الأولى في تشوّقه إلى دمشق ، ومطلعها :
سقى الله ما تحوي دمشق وحيّاها |
|
فما أطيب اللّذّات فيها وأهناها |
والثانية في الوجدانيات ، ومطلعها :
بادر إلى اللّذّات في أزمانها |
|
واركض خيول اللهو في ميدانها |
(تاريخ دمشق ١٩ / ٦٠٣ ، و ٢ ق ١ / ١٧٧ ، وتهذيبه ١ / ٢٥٧ ، الروض المعطار ٢٤١ ، ٢٤٢).
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
اختلف في وفاته ، فقيل في هذه السنة ٥٦٧ وقيل في السنة التالية ٥٦٨ وقيل بعدها سنة ٥٦٩ ه. وهذا الأخير يتفق مع القول بأنه قد أناف على التسعين. وقيل أناف على المائة. (الخريدة ١ / ٣١٤) ووقع في (تاريخ دمشق) أنه بلغ سبعين سنة!