الأمير نجم الدّين أبو الشّكر ، الكرديّ ، الدّوينيّ. والد الملوك.
كان أبوه من أهل دوين (١) ومن أبناء أعيانها. وبها ولد أيّوب. وولّي أوّل شيء قلعة تكريت ، ثمّ انتقل إلى الموصل وخدم أتابك زنكيّ والد نور الدّين ، وكان وجيها عنده.
ثمّ انتقل إلى الشّام ، وولّي بها نيابة بعلبكّ ، وولّيها لنور الدّين أيضا قبل أن يستولي على دمشق ، فولد له بها الملك العادل أبو بكر.
مبدأ سعادة شاذي فيما بلغنا ، أنه كان لشاذي صاحب ، وهو جمال الدّولة بهروز ، وكان ظريفا ، لطيفا ، خيّرا ، وكان كثير الودّ لشاذي. فاتّهم بهروز بزوجة أمير بدوين ، فأخذه الأمير وخصاه ، فنزح عن دوين ، ثمّ اتّصل بالطّواشيّ الّذي هو لالا أولاد السّلطان مسعود بن محمد بن ملك شاه. فوجده لطيفا كافيا في جميع أموره ، فنفق عليه ، وجعله يركب مع أولاد السّلطان. ثمّ توصّل إلى السّلطان ، وصار يلعب معه بالشّطرنج وأحبّه. ومات اللّالا ، فصيّره مكانه ، وأرصده لمهمّاته ، وشاع ذكره ، فأرسل إلى صديقه شاذي بطلبه ، فلمّا قدم عليه بالغ في إكرامه.
ثمّ إنّ السّلطان جعل بهروز نائبة على بغداد ، فاستصحب معه شاذي وأولاده ، ثمّ أعطاه السّلطان قلعة تكريت ، فلم يثق في أمرها بسوى شاذي ، فأرسله إليها ، فأقام بها مدّة إلى أن توفّي بها ، فولّي عليها ولده نجم الدّين أيّوب هذا ، فقام في إمرة القلعة أحسن قيام ، فشكره بهروز وأحسن إليه. فاتّفق أنّ امرأة خرجت من القلعة ، فعبرت باكية على نجم الدّين وأخيه أسد الدّين شير كوه ، فسألاها ، فقالت : تعرّض إليّ الإسفهسلّار فقام شير كوه فأخذ حربة للإسفهسلّار فقتله بها ، فأمسكه أخوه واعتقله ، وكتب بذلك إلى بهروز ، فردّ جوابه : لأبيكما عليّ حقّ ، وأشتهي أن تخرجا من بلدي.
فخرجا إلى الموصل ، فأحسن إليهما أتابك زنكيّ وأكرمهما ، فلمّا ملك
__________________
(١) دوين : بلدة من نواحي أرّان في آخر حدود أذربيجان. (معجم البلدان ٢ / ٤٩١).