منقوطا معربا. وأوّل سماعه من عبد الرحمن بن حمد الدّونيّ في سنة خمس وتسعين وأربعمائة. وبرع على حفّاظ عصره في حفظ ما يتعلّق بالحديث في الأنساب ، والتّاريخ ، والأسماء ، والكنى ، والقصص ، والسّير.
ولقد كان يوما في مجلسه ، وجاءته فتوى في أمر عثمان رضياللهعنه ، فأخذها وكتب فيها من حفظه ، ونحن جلوس ، درجا طويلا ، ذكر فيه نسبه ، ومولده ، ووفاته ، وأولاده ، وما قيل فيه ، إلى غير ذلك.
وله التّصانيف في الحديث ، والزّهد والرقائق ، وصنّف «زاد المسافر» في نحو خمسين مجلّدا. وكان إماما في القرآن وعلومه ، وحصّل من القراءات المسندة ، [إنّه] (١) صنّف العشرة والمفردات ، وصنّف في الوقف والابتداء ، والتّجويد ، والماءات ، والعدد ومعرفة القرّاء وهو نحو من عشرين مجلّدا.
واستحسنت تصانيفه في القرآن ، وكتبت ، ونقلت إلى خوارزم والشّام. وبرع عليه جماعة كثيرة في علوم القرآن.
وكان إذا جرى ذكر القرّاء يقول : فلان مات في سنة كذا ، وفلان مات في سنة كذا ، وفلان يعلو إسناده على فلان بكذا.
وكان إماما في النّحو واللّغة ، سمعت أنّ من جملة ما حفظ في اللّغة كتاب «الجمهرة» ، وخرّج له تلامذة في العربيّة أئمّة يقرءون بهمذان. وفي بعض من رأيت من أصحابه من جملة محفوظاته كتاب «الغريبين» للهرويّ. وكان عتيقا من حبّ المال ، مهينا له ، باع جميع ما ورثه ، وكان من أبناء التّجّار ، وأخرجه في طلب العلم ، حتّى سافر إلى بغداد ، وأصبهان مرات كثيرة ماشيا ، وكان يحمل كتبه على ظهره. وسمعته يقول : كنت أبيت ببغداد في المساجد ، وآكل خبز الدّخن (٢).
__________________
(١) في الأصل بياض ، والمستدرك من : سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٢.
(٢) في الأصل ومعرفة القراء الكبار «الدخل» باللام ، والمثبت عن سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٢ وهو الصحيح ، ومثله في : الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٢٦.