الله. فقال : لا تظنّ أنّ تركي لك لوجدة ، بل كنت مفكّرا في المنام حتّى فتح الله بتأويله. اعلم أنّ غسل الثّياب غسل أوساخ الذّنوب ، ولا ذنب أوسخ من تناول أموال المكوس. فلا تترك من يومنا هذا في بلد من بلادي مكسا ، ولا درهما حراما ، واكتب بذلك تواقيع تكون مخلّدة في البلاد.
والتفت إليه إسماعيل فقال : مر أطلق ابن شمّام (١) ، وردّ عليه ما أخذ منه. فلمّا عرف ابن شمّام بذلك ، اقترح بأن يجعل الذّهب في أطباق ، وتزفّ بالطّبول والبوقات في الأسواق. فأمر نور الدّين بإجابته ، وأن يخلع عليه.
وكتب جدّي خالد بذلك تواقيع ونسختها كلّها : الحمد لله فاتح أبواب الخيرات ، بعد إغلاقها ، وناهج سبل النّجاة لطلّابها وطرّاقها ، وفارج الكربات بعد إرتاجها وإطباقها ، الّذي منح أولياءه التّوفيق ، وأوضح لهم دليله ، ونصر أهل الحقّ ، وأعان قبيله ، نحمده على جزيل مواهبه ، وجليل رغائبه ، ونسأله أن يصلّي على محمد الّذي أوضح الطّريق والمحجّة ، وأوجب الحجّة ، وعلى آله ..
إلى أن قال : وبعد ، فقد اتّضح على الأفهام ، ووضح عند الخاصّ والعامّ ، ما نغاديه ونراوحه ، ونماسيه ونصابحه ، ونشتغل به عامّة أوقاتنا ، ونعمل فيه [عقولنا] (٢) وأفكارنا من الاجتهاد في إحياء سنّة حسنة ، وإماتة سنّة سيّئة ، وإزالة مظلمة ، ومحو سيرة مؤلمة ..
إلى أن قال : وقد علمتم معاشر الرعايا وفّقكم الله ، ما كان مرتّبا من المظالم المجحفة بأحوالكم ، والمكوس المستولية على شطر أموالكم ، والرّسوم المضيّقة عليكم في أرزاقكم ، فأمرنا بإزالة ذلك عنكم أوّلا فأوّلا ، ولا نتبع في إقراره على وجوهه شبهة ولا تأوّلا. وقد كان بقي من رسم الظّلم ومعالم الجور في سائر ولايتنا ما أمرنا بإزالته رأفة بكم ولطفا ،(الْآنَ خَفَّفَ
__________________
(١) في الأصل : «شمامة» ، وقد تقدم قبل قليل كما أثبتناه.
(٢) في الأصل بياض.