حتى هرب الخليفة العباسي المتقي من بغداد خوفاً من الجيش البربري الزاحف عليها واستنجد بناصر الدولة في الموصل فأنجده وأرجعه إليها فضعفت الرغبة من العلماء في الاجتهاد لتبلبل الأحوال واضطراب الأوضاع أضف إلى ذلك أن الدولة نظراً لضعفها في هذا الدور أصبحت لا تمنح المنصب الديني ولا القضاء للذي يعمل برأيه وإنما تنصب من كان مقيداً ومتبعاً لمذهب من المذاهب وتفرض عليه اجتناب كل قضاء يخالف ذلك المذهب خوفاً من تبلبل الأفكار وحدوث الانشقاق والانقسام وأخذوا لا يجعلون شخصاً في منصب من المناصب الدينية إلا إذا كان متبعاً لأحد المذاهب السنية المشتهرة المعروفة كالحنفية والظاهرية والشافعية ونحوها من المذاهب ولا يكيلون وزناً للمجتهد المنفرد فأوجب ان ينصرف أهل السنة عن الاجتهاد حتى انه لم يبق بعد محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة ٣١٠ ه من يجتهد في الأحكام الشرعية وبطبيعة الحال أصبحت النتيجة الحتمية عندهم بعد هذا الزمن الإجماع والاتفاق على العمل بالمذاهب السابقة وانسداد باب الاجتهاد. والإجماع عندهم حجة لا ترد ودليل لا يفند فافتوا استناداً لهذا الإجماع بسد باب الاجتهاد وحصر المذاهب التي يرجع إليها بالمذاهب السابقة واصبح هذا الدور للفقه الإسلامي السني في هذه الفترة من الزمن دور التقليد المحض