لأهل السنة وكان من جراء ذلك أن يحصر علماؤهم أبحاثهم ضمن نطاق خاص وإطار مخصوص فكان كل واحد منهم في هذا الدور لا يتجاوز بحثه حدود مذهب فقيه سابق قد قلده لا يحيد عنه ولا يتعداه لغيره ويرى أن ما قاله مقلده هو الصحيح وما عداه من الآراء خطأ لا يتبع ولم ير من يجتهد في الأحكام الشرعية فيأخذ أحكامه من أدلتها غير متقيد برأي أحد من الأئمة ورضوا لأنفسهم التقليد ولامام معين واعتبار فتاواه كأنها نص من الشارع المقدس فأصبحوا عالة على فقه أبي حنيفة ومالك والأوزاعي والظاهري وأمثالهم ممن كانت مذاهبهم متداولة والتزم كل منهم مذهباً معيناً لا يتعداه وبذل كل ما أوتي من قوة في نصرة ذلك المذهب جملة وتفصيلا ويأخذوا أحكامهم الشرعية منه دون أن يرجعوا للكتاب والسنة فكان الفقيه في هذا الدور هو الذي يستنبط الأحكام الشرعية من كتب أحد الفقهاء السابقين ويسمى ذلك بالاجتهاد المقيد بل لا يستجيز لنفسه أن يخالف فتوى الفقيه الذي قلده ولو قامت عليها الأدلة من الكتاب والسنة. وقد بلغ هذا التعصب المذهبي في هذا الدور إلى أن يقول أبو الحسين الكرخي رئيس الفقه الحنفي في العراق المتوفى سنة ٣٤٩ ه (أن كل آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا فهو مؤول أو منسوخ) وإلى أن يقول صاحب الدار المختار (إن من ارتحل عن المذهب