ثم الأثر الشرعي إن كان مترتبا على الشخص فلا مجال لاستصحاب الكلي بلحاظ ذاك الأثر ، لعدم ترتبه عليه ، وإن كان مترتبا على الجامع ، فلا مجال لاستصحاب الشخص بلحاظه ، لأن استصحاب الخصوصية حينئذ لغو محض. مثلا حرمة مس المصحف رتبت شرعا على طبيعي الحدث ، وحرمة المكث في المساجد على خصوص الجنابة ، فإذا شك الجنب في انه اغتسل أم لم يغتسل بعد ، فبلحاظ حرمة مس الكتاب لا بد له من استصحاب طبيعي الحدث ، وبلحاظ حرمة المكث في المساجد لا مناص له من استصحاب خصوص الجنابة.
إذا عرفت ما بيناه نقول : استصحاب الكلي ينقسم إلى أقسام أربعة :
الأوّل : أن يتيقن وجود الكلي في ضمن فرد ويشك في ارتفاعه من جهة احتمال ارتفاع الفرد بعينه.
وقد عرفت انه ان أريد فيه ترتيب آثار الفرد يستصحب بقاؤه. وإن أريد ترتيب آثار الكلي يستصحب بقاء الكلي دون الخصوصيات.
وقد ظهر بما ذكرناه فساد ما ربما يستظهر من الكفاية (١) من كون المكلف مخيرا فيه بين استصحاب الشخص واستصحاب الكلي ، لتعين استصحاب كل منهما بلحاظ الأثر المترتب عليه.
الثاني : أن يتيقن بوجود الكلي في ضمن فرد ، وتردد الفرد بين ما هو مقطوع الارتفاع وما هو محتمل البقاء أو مقطوعه. وما صدر من الشيخ من التعبير بمقطوع البقاء الظاهر انه من باب المثال ، وإلّا فمجرد احتمال البقاء كاف في الاستصحاب ، مثاله ما إذا خرج من المتطهر المستبرئ بالخرطات رطوبة مرددة بين البول والمني ، فانه إذا توضأ يشك في بقاء طبيعي الحدث المتيقن وارتفاعه ، لأنه إن كان في ضمن الأصغر فقد ارتفع ، وإن كان في ضمن الأكبر فهو باق.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣١٠ ـ ٣١١.