الثالث : ما إذا تيقن بتحقق الكلي في ضمن فرد مرتفع قطعا ، وشك في بقائه ، لاحتمال وجود فرد آخر مع الفرد الأول أو حدوثه مقارنا لارتفاعه بلا فصل زماني ، كما إذا علم بوجود زيد في الدار ، وعلم بخروجه فعلا ، ولكن يحتمل كون عمرو معه في الدار وهو لم يخرج أو دخوله حين ما خرج.
الرابع : ما إذا تيقن بوجود فرد بعنوانه ، وعلم بارتفاعه ، وتيقن أيضا بتحقق عنوان يحتمل انطباقه على تلك الذات المرتفعة قطعا وانطباقه على فرد آخر يحتمل بقائه ، من غير أن يكون للعنوان دخل في ترتب الأثر ، مثاله ما إذا علم بوجود زيد في الدار ، وعلم بخروجه ، وعلم أيضا بوجود متكلم هناك بهذا العنوان المشير القابل لأن ينطبق على زيد وان ينطبق على غيره ، وعلى تقدير انطباقه على زيد فقد ارتفع ، وإلّا فيحتمل بقائه. ومثاله الشرعي ما إذا علم بالجنابة ليلة الخميس ، واغتسل منها ، ثم رأى في ثوبه أثر جنابة ، فعلم بها بهذا العنوان ، واحتمل انطباقه على تلك الجنابة التي اغتسل منها ، كما يحتمل انطباقه على جنابة أخرى باقية.
والفرق بينه وبين القسم الأول ظاهر ، فان المتيقن فيه حدوث فرد يشك في بقائه. كما انه يفترق عن القسم الثاني بعدم اليقين فيه بارتفاع الفرد الحادث أصلا ، بل كان الحادث فيه مرددا بين مقطوع الارتفاع ومحتمل البقاء ، وفي المقام ارتفاع الفرد المتيقن حدوثه معلوم. ويفترق عن القسم الثالث بأنه لم يكن فيه إلّا يقين واحد ، وفي القسم الرابع يقينان ، أحدهما متعلق بالذات بعنوانها ، والآخر بعنوان قابل الانطباق عليها وعلى غيرها. وبعبارة أخرى : لم يكن احتمال حدوث الفرد الآخر في القسم الثالث مقرونا بالعلم الإجمالي بخلاف المقام.
وبالجملة في القسم الرابع ليس للمتيقن يقين بوجود فردين ، ولذا لو سئل عن ذلك يقول لا أعلم بوجود فردين ، إلّا ان له يقينين ، أحدهما متعلق بالفرد ، والآخر بالعنوان كما عرفت. فالفرق بينه وبين الأقسام الأخر واضح.