إذا عرفت الأقسام نقول : لا ريب في جريان استصحاب الكلي في القسم الأول إذا رتب عليه الأثر. كما يجري فيه استصحاب الشخص بلحاظ الأثر المترتب عليه.
وأمّا القسم الثاني : فاستصحاب الشخص فيه غير جار كما هو ظاهر ، فلا يمكن ترتيب آثار بقاء شيء من الفردين بالاستصحاب. وأما وجود الكلي في ضمن الفرد المعين واقعا فهو كان متيقنا يشك في ارتفاعه فيستصحب ، فالمستصحب في الحقيقة هو الوجود المساوق للتشخص ، ولذا زعم السيد قدسسره في حاشية المكاسب غير مرة أنه من استصحاب الفرد المردد الّذي لا ذات له ، ولا ماهية ، ولا وجود ، فكيف يستصحب.
وقد أجبنا عنه بأن المستصحب وإن كان مرددا ، إلّا أنه مردد عندنا ، لا في الواقع ، وما لا ماهية له ولا وجود إنما هو الفرد المردد واقعا ، المعبّر عنه بأحد الأمرين أو الأمور ، وفي المقام الوجود الخاصّ المتيقن له إضافتان ، إضافة إلى الفرد ، وإضافة إلى الطبيعي ، فيستصحب ذات الوجود بعينه بما انه مضاف إلى الطبيعي ، ولذا نعبر باستصحاب الكلي بطريق الإضافة لا التوصيف ، والتعبير بالكلي من جهة إلغاء خصوصية كل من الفردين في مقام الاستصحاب ، لعدم تمامية أركانه فيها ، وقد لا يترتب عليها أثر أيضا ، بل إذا كان لهما أثر لا يترتب إلّا من جهة العلم الإجمالي.
ثم انّه أورد على جريان الاستصحاب في القسم الثاني بأنه دائما محكوم بأصل آخر ، لأن الشك في بقاء الكلي فيه مسبب عن الشك في حدوث الفرد الطويل ، والأصل عدمه ، فإذا ثبت بالتعبد عدم حدوث الفرد الطويل ، والمفروض ارتفاع الفرد القصير بالوجدان على تقدير ثبوته ، فبضم التعبد إلى الوجدان يحرز انتفاء الكلي ، فكيف يستصحب بقاؤه.