وكيف كان القائل بحجية القاعدة يحتمل أن يريد جميع الأقسام ، كما يحتمل إرادته البعض دون بعض ، ونتعرض لبيان ذلك في محله إن شاء الله تعالى.
وأما اختلاف نفس الصفتين فيما إذا اتحد متعلقيهما من تمام الجهات ، فهو اما يكون بسبق زمان الشك على زمان اليقين ، وهذا ليس موردا لشيء من القواعد. واما يكون بسبق زمان اليقين على زمان الشك ، وهو مورد قاعدة اليقين ، ولذا يعبر عنها بالشك الساري ، ومرجعه إلى الشك في مطابقة قطعه السابق للواقع وعدمها ، فالمسائل المبحوث عنها أربعة :
الأولى : ما انعقد له البحث أعني الاستصحاب ، وهو متقوم على ما عرفت باجتماع صفتي اليقين والشك في زمان واحد ، مع تعلق اليقين بالحدوث ، والشك بالبقاء ، سواء تقارنت الصفتان حدوثا ، أو سبقت إحداهما الأخرى.
الثانية : الاستصحاب القهقرى الّذي عرفت عدم حجيته إلّا في باب الظهورات.
الثالثة : قاعدة المقتضي والمانع ، وهي متقومة بتعلق اليقين بالمقتضي ، والشك بوجود مقتضاه لاحتمال وجود المانع.
الرابعة : قاعدة اليقين ، وهي متقومة باتحاد متعلق اليقين والشك ، وتأخر زمان الشك عن زمان اليقين.
ونتعرض لكل من القاعدتين بعد الفراغ عما هو مهمنا في هذا البحث إن شاء الله تعالى.
الجهة الرابعة : بعد ما عرفت أن الاستصحاب متقوم باليقين بالحدوث والشك في البقاء ، فاعلم انه ينقسم باعتبارات. فقد ينقسم بلحاظ المستصحب ، فانه تارة : يكون موضوعا خارجيا ، وأخرى : حكما شرعيا. والحكم الشرعي تارة : يكون جزئيا ، وأخرى : كليا. وأيضا الحكم الشرعي تارة : يكون