بقاء شخص الطهارة المتيقنة حين الفراغ من الغسل ، فانه يشك في ارتفاعها ، فيستصحب بقاؤها. ونظيره ما إذا علم بأنه أتى بوضوءين وحدث ، واحتمل كون الحدث بعد الوضوء الأول وقبل الوضوء الثاني فالطهارة الحاصلة منه باقية ، أو بعد كلا الوضوءين فالوضوء الثاني كان تجديديا ، فهو محدث فعلا ، فيستصحب بقاء الطهارة المتيقنة حين فراغه من الوضوء الثاني ، سواء كانت مسببة عنه أو عن سابقه على تقدير كونه تجديديا ، إلّا أنه يعارضه استصحاب بقاء الحدث المتيقن حينما أحدث المشكوك ارتفاعه.
وبالجملة فاستصحاب الكلي في القسم الرابع جار في نفسه ، فكلما عارضه استصحاب آخر كما في المثالين سقط بالمعارضة ، وإلّا عمل على طبقه كما في المثال العرفي المتقدم.
وللمحقق الهمداني قدسسره تفصيل في جريان الاستصحاب في المقام بين تعدد السبب ووحدته ، أي بينما إذا كان تحقق ذات السبب ثانيا متيقنا والشك في سببيته وتأثيره وما إذا كان الشك في أصل تحققه ، فصحح جريان الاستصحاب في الأول دون الثاني ، لأن مرجع الشك فيه إلى حدوث ما يوجب ، والأصل عدمه. مثال الأول ما لو علم بوضوءين وشك في سببية الثاني للطهارة لاحتمال كونه تجديديا ، فيستصحب فيه الطهارة. ومثال الثاني ما إذا علم بالجنابة والاغتسال منها ، ثم رأى في ثوبه أثرا ، واحتمل كونه هو السبب الأول للجنابة وكونه سببا آخرا غير الأول ، فلا يجري فيه استصحاب الجنابة ، لجريان استصحاب عدم تحقق السبب لها ثانيا ، وزعم قدسسره تقدمه على استصحاب الجنابة على ما يظهر من بعض كلماته.
وبما ذكرناه ظهر فساد هذا التفصيل ، لأن العلم بتعدد السبب لا ربط له باستصحاب المسبب ، بل جريانه فيه يدور مدار العلم بتحقق نفس المسبب حدوثا