ونقول : في توضيح ذلك ان محل الاستشهاد من المضمرة هي الشرطية الثانية المستفادة من الغاية المذكورة قبلها ، وهي قوله عليهالسلام (وإلّا) أي ان لم يستيقن أنه قد نام ، ولم يجئ من ذلك أمر بيّن ، فان جعلنا جزائها محذوفا قد دل عليه كلمة (لا) المذكورة قبلها ، أي لا يجب الوضوء وكان قوله عليهالسلام «فانه على يقين من وضوئه ، ولا تنقض اليقين بالشك» علة للجزاء ، أقيمت مقامه ، ودخل عليها كلمة (فاء) الجزائية ، كما في قوله سبحانه (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)(١) فحينئذ لا يمكن ان يراد من اليقين والشك في الجملة المذكورة اليقين بالوضوء والشك في النوم ، الّذي هو مورد السؤال ، بجعل اللام للعهد ، لاستلزامه التكرار ، واتحاد العلة والمعلول ، أي المصادرة وهو قبيح ، فيدور الأمر بين احتمالين آخرين.
أحدهما : أن يراد من اليقين فيها اليقين بالوضوء ، ويراد من الشك الشك في كل ناقض ، فيكون التعدي عن مورد الرواية في خصوص الشك دون اليقين ، فيكون التعليل كبرى كلية في خصوص الشك في بقاء الوضوء ، وجامعه الشك في الحدث.
ثانيهما : أن يراد من اليقين اليقين بحدوث كل شيء ، ومن الشك الشك في بقاء كل متيقن ، ليكون التعدي عن مورد الرواية من كلتا الجهتين ، أي من حيث اليقين والشك معا.
وبكل من الاحتمالين يندفع المحذور ، إلّا أن الظاهر منهما هو الثاني ، لأن ظاهر التعليل ان الإمام عليهالسلام كان في مقام إقناع السائل ، وأنه لما ذا لا يجب الوضوء في الفرض ، فلا بد وان يكون إشارة إلى ما هو المرتكز في الأذهان من عدم رفع اليد عن الأمر المبرم بأمر غير مبرم ، ومنه نقض اليقين بالشك. ومن الواضح أنه لا خصوصية في ما هو المرتكز في الأذهان لليقين بالوضوء عن غيره ، فيتعين
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.