ان التعليل إشارة إليها ، وما أنكرناه انما هو تطبيق هذه الكبرى على مورد الاستصحاب ، أعني اليقين بالحدوث والشك في البقاء ، لأن ما تعلق به كل منهما مغاير لما تعلق به الآخر ، وما تعلق به اليقين لم يتعلق به الشك. وكذا العكس ، فالعقلاء لا يرونه من مصاديق هذه الكبرى ، ولم يثبت منهم سيرة على ذلك ، غاية الأمر طبقها الإمام عليهالسلام عليه تعبدا ، فالتطبيق تعبدي ، فتأمل. كما وقع نظيره في بعض الموارد الأخر.
فظهر ان المستفاد من الصحيحة على التقديرين كبرى كلية ، وإن كانت على التقدير الأوّل أظهر. نعم الشبهة الحكمية والموضوعية من غير استلزام ذلك استعمال للفظ في أكثر من معنى ، كما بيناه في حديث الرفع ، وقلنا ان المجهول دائما هو الحكم ، والاختلاف في منشئه ، وفي المقام ظاهر الصحيحة إبقاء اليقين السابق عملا ، سواء كان متعلقا بالحكم الجزئي أو الكلي.
نعم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية ممنوع من جهة أخرى سنتعرض لها إن شاء الله تعالى.
بقي إشكال طفيف أورد على الصحيحة ، تعرض له المحقق النائيني (١) ولم يعرف مورده ، وهو توهم كون النهي عن نقض اليقين بالشك ظاهرا في سلب العموم ، لا عموم السلب ، لأن اليقين اسم جنس ادخل عليه لام الجنس ، فالمعنى لا ينبغي نقض جنس الشك أي دائما في جميع الموارد ، فلا يستفاد منه إلّا حجية الاستصحاب في الجملة بنحو الموجبة الجزئية.
وفيه أولا : ان «لا» النافي للجنس ظاهر في عموم السلب ، كما في قولك : لا رجل في الدار ، النفي في الصحيحة من هذا القبيل.
__________________
(١) فوائد الأصول : ٤ ـ ٣٣٨ ـ ٣٣٩.