وفي هذا القسم أيضا لا مجال للاستصحاب. امّا في الحكم ، فللشك في بقاء الموضوع ، فيكون التمسك بأخبار الاستصحاب من التمسك بالعامّ في الشبهة المصداقية. وامّا في الموضوع ، فلعدم تعلق الشك ببقاء ما تعلق اليقين بحدوثه ، بل هناك أمر متيقن الارتفاع ، وهو زوال الصورة النوعية ، وأمر متيقن البقاء ، وهو المادة المشتركة بين الخشب والفحم ، فأي شيء يستصحب.
نعم بقاء الموضوع بعنوان الموضوعية مشكوك ، إلّا ان استصحابه كذلك يرجع إلى استصحاب الحكم ، بداهة ان ذات الموضوع بما هي لا شك فيها ، فالشك في بقاء موضوعيته عبارة عن ثبوت الحكم له ، فاستصحابه بهذا العنوان استصحاب بقاء الحكم ، وقد عرفت عدم جريانه.
ومن هنا ذهب المحقق الثاني إلى المنع عن الاستصحاب في الاستحالة في الأعيان النجسة ، وتردد في جريانه في الأعيان المتنجسة.
وبعين هذا البيان يمنع عن جريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية التي يكون منشأ الشك فيها هو الشك في سعة المفهوم وضيقه كالغروب ، فان الاستصحاب في الحكم لا يجري ، لعدم إحراز كونه موردا لأدلة الاستصحاب. كما لا يجري في الموضوع ، لعدم الشك في ما تعلق اليقين بحدوثه ، والشك في بقاء الموضوع بوصف الموضوعية يرجع إلى الشك في الحكم ، وقد تقدم تفصيله.
ومن هنا وقع الكلام في ان الميزان في اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة هل هو نظر العقل ، أو العرف ، أو بلسان الدليل؟ فيفرق بين ما إذا ورد في الدليل الماء المتغير ينجس ، فالتغير حينئذ يكون دخلا في الموضوع ، وما إذا ورد في الدليل الماء إذا تغير ينجس ، فيكون الموضوع نفس الماء ، والتغير علة لثبوت النجاسة له على ما هو الشأن في الجملة الشرطية.
وبالجملة بعد اعتبار اتحاد القضيتين ، يقع الكلام في أنه لا بد وان يرى العقل