والمحقق النائيني منع إطلاق الأخبار ، وإمكان شمولها للاستصحاب وقاعدة اليقين معا ، فيتعين حملها على الاستصحاب (١). وذكر للمنع وجوها ثلاثة :
الأول : أن التعبد في الاستصحاب بكون البقاء بعد فرض حدوث المتيقن ، فيفرض المتيقن حادثا ، وبعد فرض حدوثه يعبدنا ببقائه في ظرف الشك ، فالاستصحاب متقوم بفرض حدوث المتيقن. وهذا بخلاف قاعدة اليقين ، فان التعبد فيها يكون بالحدوث ، وهو مستلزم لعدم فرض الحدوث ، ومن الواضح ان فرض الحدوث وعدم فرضه متنافيان ، فلا يمكن الجمع بينهما بدليل واحد ، فيدور الأمر بين اختصاصها بالاستصحاب أو بالقاعدة ، فيتعين الأول لمكان مورد جملة منها.
الثاني : ان ظاهر اليقين المأخوذ فيها هو اليقين الفعلي ، على ما هو ظاهر كل قضية شرعية أو عقلية ، وهو مورد النزاع بين الفارابي والشيخ ، فإذا قال : الخمر حرام ، ظاهره حرمة ما هو خمر بالفعل ، لا ما كان خمرا أو خمر بالإمكان ، فقوله «فليمض على يقينه» ظاهر في المضي على اليقين الفعلي ، فلا يعم اليقين اليقين المعدوم ، كما في مورد القاعدة ، فيختص بالاستصحاب.
لا يقال : أنه مبني على كون المشتق حقيقة في خصوص المتلبس. وأما على القول بكونه حقيقة في الأعم منه ومن المنقضي عنه المبدأ فلا مانع من استعمال اليقين في الموجود والمعدوم بأن يعمهما.
لأنه يقال : أولا : ان المشتق حقيقة في خصوص المتلبس.
وثانيا : ذاك البحث انما هو في المشتق الاصطلاحي ، ولا يجري في الجوامد وما يلحق بها كاليقين ، فانه عبارة عن الصفة النفسانيّة ، وبعد زوالها لا يبقى شيء
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ٤٥١.