علم بأن النجاسة الموجودة هي النجاسة السابقة ، وليست شيئا وقع عليه في الأثناء. وهكذا قوله عليهالسلام بعد ذلك «فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك» وهو الاستصحاب ، إذ لا مجال له فيما إذا انكشف له وقوع ما أتى به من الصلاة في الثوب النجس.
فالصحيح هو البطلان ووجوب الإعادة. هذا من حيث الحكم الفرعي.
وأما مورد التمسك بالرواية للاستصحاب ، فهو قوله عليهالسلام «فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك» الّذي كرر ذكره في فقرتين منها.
أمّا المذكور في الجملة الثانية ، فدلالته على الكبرى الكلية أظهر من الرواية السابقة ، لوجهين ، صراحة قوله عليهالسلام «لأنك لا تدري لعله شيء وقع عليك» في التعليل ، وظهور لا ينبغي في الكبرى الكلية الارتكازية.
وإنّما الكلام في التمسك بما ذكر في الجملة الأولى ، فان الإمام عليهالسلام طبقه على عدم وجوب الإعادة ، ولم يطبقه على جواز الدخول في الصلاة ، وإلّا لكان أيضا ظاهرا في ذلك ، إذ من الظاهر ان إعادة الصلاة في مفروض السؤال ليست من نقض اليقين بالشك ، بل هي من نقض اليقين باليقين ، ولذا حمله بعضهم على قاعدة اليقين كما حكاه في الكفاية(١).
ولكنه غير تام ، لأنّ صفتي اليقين والشك في الشك الساري لا بد من تعلقهما بالحدوث ، بخلاف الاستصحاب ، فان اليقين فيه لا بد وان يتعلق بالحدوث والشك بالبقاء. فان أريد من اليقين في هذه الجملة اليقين بالطهارة السابقة على احتمال ملاقاة الثوب مع النجس ، فهو باق لم يتبدل بالشك. وان أريد به اليقين بالطهارة بعد احتمال ملاقاة الثوب مع النجس ، حيث نظر فيه ، ولم يجد النجاسة ، فتيقن
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٩٠.