وعليه فيدور أمر الرواية بين الحمل على قاعدة اليقين في الصلاة ، أو الحمل على التقية ، أو حمل خصوص التطبيق عليها. والمتعين هو الأوّل ، لأن الثاني خلاف الأصل من جهة ، والثالث من جهتين : إحداهما : أصل الحمل على التقية ، والأخرى : كونها في خصوص التطبيق ، فتكون الرواية أجنبية عن الاستصحاب.
وأورد عليه في الكفاية (١) بإمكان الحمل على الاستصحاب من دون استلزامه مخالفة المذهب ، بدعوى : ان الاستصحاب لا يقتضي إلّا عدم الإتيان بالركعة الرابعة المشكوكة ، وأما كيفية الإتيان بها فهي خارجة عن مقتضى الاستصحاب ، فيقيد إطلاق ما دل على وجوب الإتيان بها كقوله عليهالسلام «قام فأضاف إليها أخرى» بخصوصية المنفصلة بما دل على وجوب الإتيان بالركعة مفصولة.
وأيد بعض الأعاظم قدس سرّه ما أفاده الشيخ ، مدعيا عدم جريان الاستصحاب في نفسه عند الشك في عدد الركعات ، مع قطع النّظر عن الأخبار الدالة على إلغائه ، وذلك لأن المعتبر في الصلاة إيقاع التشهد في الركعة الرابعة ، وهذا العنوان لا يمكن إثباته باستصحاب عدم الإتيان بالرابعة إلّا على القول بالأصل المثبت. وجعل هذا الوجه مبنى فساد الصلاة في غير الشكوك المنصوصة ، كالشك بين الأربع والست ، وعدم الرجوع فيها إلى الاستصحاب.
والظاهر ان شيئا من التأييد ، وما أفيد في الكفاية ، وما ذكره الشيخ ، لا يخلو عن مناقشة.
أما التأييد ، ففيه : أولا : أنه لا دليل ظاهرا على اعتبار وقوع التشهد والتسليم في الركعة الرابعة بهذا العنوان الوجوديّ ، ليقال أنه لا يثبت بالاستصحاب ، بل الواجب هو الإتيان بالاجزاء مرتبا بلا زيادة ونقيصة ، ويمكن
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٩٥.