جريان أصالة الصحة فيها كما عرفت ، إذ لا يترتب عليها أثر سوى لازمها العقلي ، وقد عرفت عدم إمكان ترتيبها. وأما بناء على صحة الإجارة كذلك في الشهر الأول ، فهما متفقان في صحة الإجارة في الجملة ، ويختلفان في تحققها في ضمن أي فرد ، فالمؤجر يدعي تحققها في ضمن الشهر الواحد بدرهم والمستأجر على سنة بدينار ، فيكون من باب التداعي والترافع ، والحكم فيه هو التحالف ، ثم يحكم بانفساخ العقد ، وبقاء المنفعة في ملك الموجر والأجرة في ملك المستأجر. وهذا قد يتحقق في البيع أيضا إذا اختلف البائع والمشتري في الثمن أو المثمن بعد اتفاقهما على صحة طبيعي البيع ، فلفظ هنا في هذا المقام أيضا غير لازم.
الفرع الثاني : ذكر العلّامة في القواعد : ان الموجر والمستأجر إذا اختلفا في تعيين الأجرة ، أو المدة ، أو فيهما معا ، فادعى الموجر عدم تعيينهما أو أحدهما ونتيجة ذلك فساد الإجارة ، والمستأجر التعيين ، ففي تقديم قول المستأجر إشكال. ولا يبعد ذلك فيما إذا لم يستلزم دعوى زائدة.
وذكر المحقق في جامع المقاصد في شرح كلامه ما حاصله (١) : ان المستأجر المدعي لصحة الإجارة ربما يدعي كون الأجرة أقل من أجرة المثل ، وقد لا يدعي ذلك. فعلى الأول صحة الإجارة تستلزم كون الإجارة أقل من أجرة المثل ، فبما ان جريان أصالة الصحة تستلزم ذلك ، وقد عرفت عدم ترتب لوازمها العقلية عليها ، فلا مجال لها. وعلى الثاني لا تستلزم صحة الإجارة أمرا زائدا عليها ، فلا مانع من جريانها.
وأورد عليه الميرزا قدسسره بأنه في فرض تساوي أجرة المسمى التي يدعيها المستأجر مع أجرة المثل لا أثر لجريان أصالة الصحة أصلا ، لأن الموجر يستحق تلك الأجرة من المستأجر ، كانت الإجارة صحيحة أو فاسدة ، فأي أثر يترتب
__________________
(١) جامع المقاصد : ٧ ـ ٣١٠.