كما ورد ان الزوجة لا ترث من العقار ، وورد أيضا انها ترث منها ، فبينهما التباين ، لأن النفي والإثبات واردان على الزوجة ، وفي بعض الأدلة ان ذات الولد ترث ، فهو يخصص الأول ، وبعده يكون نصا في الباقي كما عرفت ، فتنقلب النسبة ، ويخصص العام الآخر به.
وأما إذا ورد عليهما خاصان ، كل منهما يخصص أحد العامين المتباينين ، كما إذا ورد ان غسل المتنجس بالماء يكفي فيه المرة الواحدة ، وورد أيضا ان الغسل لا يكفي فيه المرة ، ثم ورد في ثالث كفاية الغسل مرة واحدة في الجاري ، وفي رابع عدم كفاية الغسل مرة واحدة بالماء القليل. فان الأول من الخاصّين يخصص العام الثاني ، أعني ما ورد في عدم كفاية المرة في الغسل بالماء ، فيختص بغير الجاري. كما ان الثاني منهما يخصص العام الأول ، وهو كفاية الغسل مرة واحدة بغير الماء القليل ، فلا محالة تنقلب النسبة بين العامين إلى العموم من وجه ، ويكون معارضتهما في الغسل بالكر ، فان مقتضى الأول عدم الاكتفاء في الغسل به بالمرة الواحدة ، ومقتضى الثاني هو الاكتفاء ، فلا بد من معاملة علاج التعارض بالعموم من وجه بينهما.
هذا كله في صور المعارضة بين أكثر من دليلين ، وان فرض هناك صورة أخرى غير ما ذكرنا يعرف الحال فيها مما بيناه.
والضابط الكلي في انقلاب النسبة ان يكون واحد من الأدلة المعارضة قرينة عرفية على أحد الآخرين بخصوصه ، فانه يتقدم عليه تقدم القرينة على ذيها ، ثم بعد ذلك يلاحظ النسبة بينه وبين الدليل الآخر. وان لم يكن كذلك ، بأن لم يكن واحد منها قرينة عرفية على أحد الآخرين وقعت المعارضة بينها أجمع ، ولا يتحقق انقلاب النسبة أصلا.
هذا تمام الكلام في بيان موارد الجمع العرفي.