من الرجوع إلى عمومات أدلة الأصول.
ومما يؤكد ذلك انّا لم نعثر في الفقه على مورد من موارد التعارض ذهب فيه الفقهاء إلى التخيير بعد عدم المرجح ، بل يرجعون في ذلك إلى الأصول العمليّة.
نعم إذا كان أحدهما موافقا للكتاب دون الآخر ، يؤخذ به ، وإلّا فان كان أحدهما مخالفا للعامة دون الآخر ، يؤخذ به ، لصحيحة الراوندي.
ولا يخفى انه وان أشكل في صحة اسناد كتاب الراوندي إليه ، إلّا أنه يمكن أن تكون الرواية المروية عنه صحيحة ، لأنّ الرّواة انما يروونها عنه بواسطة المشايخ ، لا الكتاب.
ثم على تقدير القول بالتخيير هل هو استمراري أو بدوي؟ ذهب صاحب الكفاية (١) إلى الأول لوجهين :
أحدهما : استصحاب بقاء التخيير.
ثانيهما : إطلاق الأدلة كقوله عليهالسلام «إذا فتخير» فانه يعم ما بعد العمل بأحدهما.
ولا يتم شيء من الوجهين.
أما الاستصحاب ، فأولا : لا يجري في الأحكام الكلية ، كما في المقام.
وثانيا : على فرض جريانه فيها مقتضى الاستصحاب نفي الاستمرار ، لأن الأصل بعد الأخذ بأحد المتعارضين ، وصيرورته حجة بالفعل ، عدم حجية معارضه بالعدول إليه ، ولا يعارضه استصحاب بقاء التخيير ، لأنه لا يثبت حجية ما عدل إليه إلّا بنحو الأصل المثبت ، فانها من لوازم بقاء التخيير عقلا.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٩٧.