والظاهر ثبوته ، وهي سيرة العقلاء ، فإنّا نراهم لا يتوقفون عن الرجوع إلى الطبيب المفضول مثلا عند احتمال مخالفة فهمه مع الطبيب الأفضل ، ولا ينسد أبواب المفضولين ، بل يرجع إليهم ولو كان احتمال المخالفة موجودا ، ولم يردع عن هذه السيرة شرعا ، فتكون ممضاة.
وتوهم : كون الشبهة في المقام مصداقية ، إذ يحتمل كون فتوى المفضول معارضة مع فتوى الأعلم ، فلا يعم دليل الحجية شيئا منهما.
مدفوع : بأن استصحاب عدم وجود المعارض نعتيا أو أزليا ينفي ذلك ، فلا تصل النوبة إلى الأصل العملي.
ثم إذا علم بأن أحد المجتهدين أعلم من الآخر ، وعلم بمخالفتهما في الفتوى تفصيلا أو إجمالا ، ولم يكن الأعلم منهما متميزا خارجا ، فهو من قبيل اشتباه الحجة باللاحجة. فان أمكن تمييز الأعلم بالفحص وجب ، وإلّا فان أمكن الاحتياط تعين ، وإلّا فيثبت التخيير ، لأنه لا يمكنه معرفة الواقع إلّا بأحد طريقين فيتخير.
وربما يقال : في الفرض بأنه يعمل بالظن ، إلّا أنه لا دليل على اعتباره ، إلّا أن الأخذ بالمظنون أولى عقلا.
ثم إذا علم بمخالفة مجتهدين في الفتوى ، ولم يعلم أعلمية أحدهما ، لا تفصيلا ولا إجمالا ، ولكن احتمل ذلك ، فالمعروف أن أحدهما المعين ان كان مظنون الأعلمية تعين الأخذ بقوله ، وإلّا فان كان أحدهما المعين محتمل الأعلمية دون الآخر تعين للأصل ، وإلّا فان احتمل تساويهما ، واحتمل أعلمية كل منهما ، فالتخيير.
والظاهر عدم تمامية ذلك ، لأن الظن بأعلمية أحدهما المعين لا يوجب التعيين مع احتمال كون الآخر أعلم.