الزمان غير معلوم ، لأنّ النسخ على ما حققناه دفع لا رفع ، كما ان استعداد المجعول للبقاء إذا شك في كون الخيار على الفور غير معلوم.
وثانيا : إحراز المقتضي أعني استمرار المتيقن للبقاء في عمود الزمان إنما يمكن في الأحكام دون الموضوعات ، فان المراد بالمقتضي في الموضوعات هو المقتضي التكويني ، ومن الظاهر ان شيئا منها لا تستمر إلى الأبد ، بل مقدار استعدادها للبقاء مختلف باختلاف الأجناس والأنواع والأصناف بل الأشخاص ، فهل الميزان في ذلك باستعداد الجنس أو النوع أو الصنف أو الشخص؟ ومن أين يمكن إحراز مقدار استعداد الأشخاص للبقاء ، فيلزم من جريان هذا التفصيل في الموضوعات هرج غريب في الاستصحاب ، مع ان الشيخ قدسسره صرح بجريانه فيها. ولذا ذكر في تنبيهات الاستصحاب ان الشك في بقاء الكلي قد يكون من الشك في الرافع ، كما إذا شك في بقاء الحدث المردد بين الأصغر والأكبر بعد الوضوء ، فان الحدث أمر مستمر في عمود الزمان ، ولا يرتفع إلّا برافع ، فيجري فيه الاستصحاب. وقد يكون من الشك في المقتضي ، كما إذا شك في بقاء الحيوان لتردده بين قصير العمر وطويلة ، وهذا تصريح منه بجريان التفصيل في الموضوعات ، فيرد عليه ما أورده هو قدسسره على المحقق القمي بعينه.
وثالثا : بناء على هذا يلزم عدم جريان الاستصحاب إذا شك في حصول الغاية لشبهة موضوعية فيما إذا كانت الغاية زمانا ، كما لو شك في وجوب صلاة الفجر أو الظهرين ، للشك في طلوع الشمس أو غروبها ، فانه ليس إلّا مرور الزمان ، فالوجوب مما لم يحرز استمراره في عمود الزمان ، فالشك في بقائه من الشك في المقتضي ، مع ان جريان الاستصحاب فيه مما قبله الشيخ ، بل هو مورد بعض الأخبار ، كقوله عليهالسلام في مكاتبة القاساني «صم للرؤية وأفطر للرؤية» (١).
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٤ ـ ١٥٩.