وفيه : أنّ تفسير الآية بهذه السهولة غير صحيح ؛ إذ ذكر بعدها ضمير الجمع الذي يرجع إلى ذوي العقول ، وهو قوله تعالى : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(١) وإن كان تفسير الآية عند المفسّرين محلّ خلاف ، ولكن هذا المعنى ليس بمراد عندهم ، ويحتمل قويّا أن يكون المراد أسامي رسول الله صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام.
والثاني : قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ)(٢).
وتقريب الاستدلال بأنّ جعله تعالى اختلاف الألسنة من آياته دليل على أنّ الواضع هو الله تعالى ؛ إذ لو كان الواضع هو البشر فكيف يكون من آياته تعالى؟! مع أنّ عطف الألوان على الألسنة أقوى شاهد على أنّ اختلاف الألسنة مربوط به تعالى كاختلاف الألوان.
وفيه : أنّه إذا قلنا بأنّ واضع اللغات هو البشر ـ مثلا : المعروف عند العلماء أنّ واضع لغة العرب هو يعرب بن قحطان ـ مع أنّ البشر عين الربط لا وجود له سوى الربط وفانٍ في الله ، فكان أيضا من آياته تعالى. هذا تمام الكلام في النوع الأوّل من الأدلّة.
وأمّا النوع الثاني من الأدلّة فيستفاد من كلام المحقّق النائيني قدسسره (٣) دليلان :
أحدهما : أنّ الوضع مع أنّه من أهمّ مسائل البشر على وجه يتوقّف عليه حفظ نظامهم ؛ إذ التفهيم والتفهّم بينهم يكون بواسطة اللسان ، ولكن لا يعرف أنّهم عقدوا مجلسا لوضع الألفاظ.
__________________
(١) البقرة : ٣١.
(٢) الروم : ٢٢.
(٣) فوائد الاصول ١ : ٣٠.