توصيف للوضع بمعنى اسم المصدر ، والنتيجة الحاصلة من عمل الواضع.
إن قلت : إنّه لو كانت ماهيّة الوضع بمعنى المصدر معرّفا فلا معنى لهذا التقسيم أصلا وأبدا.
قلت : هذا التقسيم ظاهري ، ومعلوم أنّ كلّ ظاهر مأخوذ به ما لم تكن قرينة على خلافه ، ولنا قرينة على أنّ إطلاق كلمة الوضع على الوضع التعيّني مجاز ، وكثرة الاستعمال فيه يوجب صدق عنوان المعنى الحقيقي ، ومن البديهي أنّ كلّ معنى حقيقي لا يكون موضوعا له ، فلا تكون حقيقة الوضع في الوضع التعيّني موجودة.
القول الثاني : نسب إلى بعض الأعاظم ـ على ما في كتاب المحاضرات (١) ـ القول بأنّ حقيقة الوضع من الامور الواقعيّة ، لا بمعنى أنّها من إحدى المقولات ؛ ضرورة وضوح عدم كونها من مقولة الجوهر ؛ لانحصارها في خمسة أقسام : العقل والنفس والصورة والمادّة والجسم ، وهي ليست من إحداها ، وكذا عدم كونها من المقولات التسع العرضيّة أيضا ؛ لأنّها متقوّمة بالغير في الخارج ؛ لاستحالة تحقّقها في العين بدون موضوع توجد فيه ، فإنّ وجودها في نفسها عين وجودها لغيرها ، وهذا بخلاف حقيقة العلقة الوضعيّة ، فإنّها قائمة بطبيعي اللفظ والمعنى ومتقوّمة بهما ، فلا يتوقّف ثبوتها وتحقّقها على وجودهما في الخارج ، وهذا واضح.
ولذا يصحّ وضع اللفظ لمعنى معدوم ، بل مستحيل ، بل بمعنى أنّها عبارة عن ملازمة خاصّة وربط مخصوص بين طبيعي اللفظ والمعنى الموضوع له ، نظير سائر الملازمات الثابتة في الواقع بين أمرين من الامور التكوينيّة ، مثل : قولنا :
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٣٨ ـ ٣٩.