بتسمية ولده ومخترعه وكتابه ووضع اللّفظ لها ، والآخرون يستعملونه فيها اتّباعا لهم ، ولا يطلق عنوان الواضع عليهم في هذه الموارد ولا يشتركون في الوضع والتسمية منهم ، بل هذه الأحقّيّة تقتضي تبعيّتهم لهم في هذه الموارد الشخصية كما لا يخفى ، وهكذا في موارد وضع ألفاظ عامّة لمعان عامّة ؛ إذ لو كان الواضع هو الله تعالى ـ وهو الأحقّ بالوضع ويطلق عليه عنوان الواضع وعلى الآخرين عنوان المستعمل ـ كان له المزيّة التي أوجبت إقدامه على ذلك ، وهذا يقتضي أحقيّته وتبعيّة الآخرين له ، ولذا لا يصحّ إطلاق الواضع على كلّ مستعمل.
وثانيا : أنّ أصل مسألة الوضع بما ذا تتحقّق؟ فهل تكون الجملة : «وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى» محقّقة وموجدة للوضع ، أو تكون حاكية وكاشفة عنه؟ وهكذا في باب وضع القانون في الحكومات الشرعيّة والعرفيّة ، هل تكون جملة «أقيموا الصلاة» نفس القانون أم تحكى عن القانون؟ وسيأتي تفصيل هذا البحث في باب الأوامر إن شاء الله تعالى ، ولكن نقول هنا إجمالا : إنّ الوضع والقانون عبارة عن نفس هذه الجملات ، لا حاكية عنهما ، وأنّ الوضع أمر إنشائي يوجد بنفس هذه الكلمات كإيجاد الزوجيّة بنفس كلمة زوّجت ، وإذا كان الأمر كذلك فلا معنى لارتباط الوضع بالتعهّد والالتزام النفساني ، فإنّ هذا المعنى لا يتحقّق في مورد من الموارد المذكورة.
وثالثا : إنّ الاستعمالات لا تنحصر في المعاني الحقيقيّة ، بل الاستعمالات المجازيّة أكثر من الاستعمالات الحقيقيّة كما تحقّق في محلّه. ومن المعلوم أنّه لا يكون في هذه الاستعمالات تعهّد والتزام نفساني ، لا من الواضع ولا من المستعملين أصلا وأبدا.