القول الخامس : ما اختاره المحقّق الأصفهاني قدسسره (١) في حاشيته على الكفاية ، ولا يخفى أنّ أصل كلامه عندنا أصحّ كلام ، ولكنّ بعض جزئيّاته التي لا تخدش بأصل الكلام قابلة للمناقشة ، ومحصّل كلامه أنّه قال بعنوان المقدّمة :
إنّ حقيقة العلقة الوضعيّة لا تعقل أن تكون من المقولات الواقعيّة ، فإنّه لو كانت منها فلا بدّ أن تكون من المقولات العرضيّة ؛ إذ هي تحتاج في تحقّقه إلى اللّفظ والمعنى ، مثل احتياج العرض إلى المعروض ، وإن توهّم كذلك قلنا : هو مدفوع بدليلين :
الأوّل : أنّ المقولات العرضيّة تحتاج إلى موضوع محقّق في الخارج بداهة لزومه في العرض ، مع أنّ طرفي الاختصاص والارتباط ـ وهما اللفظ والمعنى ـ ليسا كذلك ، فإنّ الموضوع والموضوع له طبيعي اللفظ والمعنى دون الموجود منهما ، فإنّ طبيعي لفظ «الماء» موضوع لطبيعي ذلك الجسم السيّال ، وهذا الارتباط ثابت حقيقة ولو لم يتلفّظ بلفظ «الماء» ، ولم يوجد مفهومه في ذهن أحد.
والثاني : أنّ المقولات امور واقعيّة لا تختلف باختلاف الأنظار ولا تتفاوت بتفاوت الاعتبار ، ومع أنّه لا يرتاب أحد في أنّ طائفة يرون الارتباط بين لفظ خاصّ ومعنى مخصوص ، ولا يرونه بينهما طائفة اخرى بل يرونه بين لفظ آخر وذلك المعنى ، ولازم ذلك وقوع معنى واحد في آن واحد معروضا لعرضين ، وهو محال ، فالوضع لا يكون من المقولات الواقعيّة.
فإن قلت : لا ريب في صدق حدّ مقولة الإضافة على الملكيّة والاختصاص ونحوهما من النسب المتكرّرة.
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ٤٤ ـ ٤٥.