وقال بعض الأعلام في مقام الدفاع عن صاحب الكفاية على ما في كتاب المحاضرات(١) : أنّ المفاهيم الكلّيّة على قسمين ، فإنّ تصوّر بعضها يوجب تصوّر أفراده ومصاديقه بوجه.
وتفصيل ذلك : أنّ المفاهيم الكلّيّة المتأصّلة كمفاهيم الجواهر والأعراض ـ كالحيوان والإنسان والبياض والسواد ونحو ذلك ـ لا تحكي في مقام اللحاظ والتصوّر إلّا عن أنفسها ، وهي الجهة الجامعة بين الأفراد والمصاديق ، وكذلك بعض المفاهيم الانتزاعيّة ـ كالوجوب والإمكان والامتناع والأبيض والأسود وما شاكلها ـ فإنّ عدم حكايتها عن غيرها من الواضحات.
وأمّا العناوين الكلّيّة التي تنتزع من الأفراد والخصوصيّات الخارجيّة ـ كمفهوم الشخص والفرد والمصداق ـ فهي تحكي في مقام اللحاظ عن الأفراد والمصاديق بوجه وعلى نحو الإجمال ، فإنّها وجه لها وتصوّرها في نفسها تصوّر لها بوجه وعنوان ، وبتعبير آخر : أنّ مرآتيّتها للأفراد والأشخاص ذاتيّة لها ، فتصوّرها لا محالة تصوّر لها إجمالا بلا إعمال عناية في البين ، فإذا تصوّرنا مفهوم ما ينطبق عليه مفهوم الإنسان ـ مثلا ـ فقد تصوّرنا جميع أفراده بوجه.
ثمّ ذكر تأييدا حيث قال : ومن ثمّ جاز الحكم عليها في القضيّة الحقيقيّة وكذا في القضيّة الخارجيّة ، فإنّ الموضوع فيهما أفراد الطبيعة ، لكن في الاولى مطلق الأفراد وفي الثانية الأفراد الموجودة منها بالفعل ، بخلاف القضيّة الطبيعيّة فإنّ الموضوع فيها نفس الطبيعة لا ربط لها بالأفراد والمصاديق ، فلو لم يحك المفهوم في مثل «المستطيع يجب عليه الحجّ» عن أفراده لاستحال الحكم عليها مطلقا ، مع أنّ الاستحالة واضحة البطلان ، فلا بدّ فيها من الحكاية.
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٥٠ ـ ٥١.