الموضوع له فيه واحد أو متعدّد؟ ولا بدّ من القول بتعدّده بحسب تعدّد الأفراد بخلاف عكسه ـ أي الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ ـ إذ الموضوع له فيه واحد ، وإذا كان الأمر كذلك فالوضع العامّ والموضوع له الخاصّ يكون قسما من أقسام المشترك اللفظي.
لا يقال : إنّ بين هذا القسم من الوضع والمشترك اللفظي بونا بعيدا ؛ إذ المعاني الموضوع لها فيه متباينة ، وأمّا في ما نحن فيه فهي عبارة عن أفراد الطبيعة الواحدة ، مع أنّ الوضع فيه أيضا متعدّد بحسب تعدّد الموضوع له ، بخلاف ما نحن فيه.
لأنّا نقول : أنّ الملاك في المشترك اللفظي تعدّد الموضوع له وتباين بعضها مع البعض الآخر ، وهو موجود في ما نحن فيه ، وليس الملاك تعدّد الوضع وعدمه ، فيكون هذا قسما من أقسام المشترك اللفظي ، وهذا بعيد عن الأذهان وإن لم يمتنع عقلا ، وهذا الاستبعاد يؤيّد عدم إمكان هذا القسم من الوضع وأنّه غير ممكن عقلا.
وأمّا القسم الرابع من الوضع ـ أي الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ ـ فقد أنكر إمكانه المحقّق الخراساني قدسسره كما مرّ ، وتبعه في ذلك أكثر تلامذته ، واستدلّوا له : بأنّ مفهوم الخاصّ مهما كان لا يحكى بما هو خاصّ عن مفهوم العامّ أو عن خاصّ آخر ، فإنّ تصوّر شيء يستحيل أن يكون تصوّرا لشيء آخر ، بل لحاظ كلّ مفهوم لحاظ نفسه ومحدود لحدّه ، ولذا قالوا : إنّ الجزئي لا يكون كاسبا ولا مكتسبا.
وأوضح من ذلك كلام المحقّق العراقي قدسسره (١) على ما في تقريراته ، وهو قوله :
__________________
(١) نهاية الأفكار ١ : ١٣.