ولكنّ التحقيق هو عدم إمكانه واستحالته ، وهذا فيما لو كان آلة الملاحظة هو الفرد والخصوصيّة كعنوان زيد ـ مثلا ـ واضح ؛ ضرورة أنّ الفرد والخصوصيّة مفهوما يباين مفهوم العامّ والكلّي ، ومعه لا يمكن جعله وجها وعنوانا له.
وأمّا لو كان آلة اللّحاظ هو الكلّي المقيّد ـ كالإنسان المتقيّد بالخصوصيّة الزيديّة ولو بنحو دخول التقيّد وخروج القيد ـ فكذلك أيضا ، فإنّه مع حفظ جهة التقيّد بالخصوصيّة فيه يباين لا محالة مفهوما الإنسان المطلق الجامع بين هذه الحصّة وغيرها ، ومع إلغاء جهة التقيّد وتجريده عن الخصوصيّة ولحاظه بما أنّه قابل للانطباق عليه وعلى غيره يرجع إلى عموم الوضع والموضوع له.
ولكن نسب في الكفاية القول بوقوع هذا القسم إلى بعض الأعلام ، والظاهر أنّه المرحوم الميرزا حبيب الله الرشتي قدسسره على ما في كتاب بدائع الأفكار (١) ، ومحصّل كلامه في مقام الاستدلال : أنّ أدلّ دليل على إمكان الشيء وقوع الشيء ، ونحن نرى خارجا وقوع هذا القسم من الوضع بالبداهة ، فإنّ المخترع إذا اخترع صنعة وأوجدها في الخارج ، ثمّ في مقام التسمية ووضع اللفظ لها لم يوضع اللفظ بإزاء هذا المخترع الجزئي الموجود في الخارج من حيث كونه ذلك المعنى المركب ، بل يوضع اللفظ بإزائه ومشابهه من حيث اشتمالهما على تلك الفائدة ، وباعتبار المناط الموجود فيهما ، فيكون المتصوّر معنى خاصّا والموضوع له كلّيّا وعامّا ، وهكذا واضع لفظ الحيوان ـ مثلا ـ رأى شبحا من بعيد وتيقّن أنّه حسّاس ومتحرّك بالإرادة ، فتصوّر ذلك الشبح الذي هو جزئي حقيقي ووضع اللفظ بإزاء معنى كلّي منطبق عليه وعلى غيره من الأفراد ، فالمتصوّر جزئيّ والموضوع له كلّي.
__________________
(١) بدائع الأفكار : ٤٠.