الأسماء غير معمول ، بل غير معقول عند العقلاء ، وهذا كاشف عن تصوّر الإنسانيّة عند تسمية المولود ، فالخاصّ يكون حاكيا ومرآة للعامّ ، فيكون هذا القسم من الأقسام الأربعة بمكان من الإمكان ، بخلاف عكسه كما مرّ آنفا.
وقد عرفت أنّه لا كلام ولا إشكال في إمكان وقوع القسمين الأوّلين من الأقسام الأربعة ، ولكن استشكل في القسم الأوّل منهما ـ أي الوضع العامّ والموضوع له العامّ ـ وهو أنّ الاصوليّين يقولون بأنّه لا بدّ للواضع في مقام الوضع من تصوّر اللفظ والمعنى ، وأنّ الوضع بأيّ معنى كان لا يمكن بدون لحاظ اللفظ والمعنى ؛ والفلاسفة يقولون بأنّ الماهيّة قد تتحقّق في الخارج وقد تتحقّق في الذهن ، وأنّ وجودها الذهني عبارة عن إحضارها في وعاء الذهن وتصوّرها ذهنا. ولا يخفى أنّ الوجود ـ سواء كان في الخارج أو في الذهن ـ ملازم ومساوق للتشخّص والجزئيّة.
وحاصل هذين القولين أنّه لا يمكن أن يكون المعنى الموضوع له عامّا ، فإنّه يصير في مقام التصوّر جزئيّا.
وجوابه : عبارة عن أمرين :
الأوّل : أنّه سلّمنا أنّ المتصوّر يصير جزئيّا بالتصوّر ، ولكنّ اللفظ يوضع بإزاء المعنى العامّ الذي يجيء في الذهن ، إلّا أنّ القيد خارج ولا دخل له في الموضوع له ، فيكون المعنى الذي وضع اللفظ بإزائه عبارة عن ذات المتصوّر وهو عامّ ، كما أنّ الوضع أيضا عامّ ، ولا معنى له سوى تصوّر العامّ.
الثاني : أنّ التصوّر عبارة عن استخفاء صورة الشيء في الذهن ، سواء كان المتصوّر كلّيّا أو جزئيّا ، ولكن كانت هذه الصورة مرآة للمتصوّر وحاكية عنه ، فيكون المتصوّر موجودا بوجودين : أحدهما في الخارج ، والآخر في الذهن ،