ويقال للصورة الذهنيّة : إنّها ملحوظة بالذات ، وللموجود في الخارج : إنّها ملحوظة بالعرض.
وهكذا في الكلّيّات ، فإذا تصوّرنا كلّيّا تجيء صورة منه في الذهن ، فيكون الكلّي ملحوظا بالعرض وهذه الصورة الذهنيّة ملحوظة بالذات ، ولكنّ الأحكام بتمامها تكون للملحوظة بالعرض ، فإن قلت : زيد موجود في الخارج ـ مثلا ـ وهو لا يكون سوى الملحوظ بالعرض.
وهكذا الحال في القضايا التي يكون محمولها كلمة «معدوم» أو «ممتنع» ، مثلا : تقول : «شريك الباري ممتنع» ، فهذه قضيّة حمليّة ، وهي تحتاج إلى التصوّر ، وتصوّر شريك الباري عبارة عن إيجاده في الذهن. ومعلوم أنّ الملحوظ بالذات بعد إيجاده في الذهن لا يكون ممتنعا ، فيكشف أنّ المحمول فيها عبارة عن الملحوظ بالعرض الذي يحكي الذهن عنها ، فيكون هو الممتنع.
وهكذا في القضايا التي تكون المحمول فيها هو المعدوم ، وهكذا في باب الوضع ؛ إذ الملحوظ بالذات وإن كان جزئيّا بلحاظ وجوده في الذهن بعد التصوّر ، ولكنّه ليس بموضوع له ، بل الموضوع له عبارة عن الملحوظ بالعرض وهو نفس المعنى وذات المتصوّر. فهذا الإشكال في غير محلّه.
تنبيه :
ذكر المحقّق العراقي قدسسره (١) للقسم الأوّل من الأقسام الأربعة ـ أي الوضع العامّ والموضوع له العامّ ـ معنى آخر غير المعنى المشهور ، وجعله المبنى لكثير من المباحث الاصوليّة ، ولكن قبل بيان هذا المعنى ذكر توضيحا للمعنى المشهور ، وهو : أنّه يتصوّر على وجهين :
__________________
(١) مقالات الاصول ١ : ٧٢ ـ ٧٥.