الأوّل : أنّ واضع طبيعي اللفظ لطبيعي المعنى يتصوّر ذات المعنى ونفس الماهيّة مجملا عارية عن القيد والخصوصيّة حتّى عن التقيّد بالإطلاق ، ويعبّر عنه «بلا بشرط المقسمي» يعني : ذات الماهيّة ، ويوضع اللفظ بإزاء هذا المعنى.
الثاني : أن يتصوّر مع قيد وخصوصيّة وهي خصوصيّة الإطلاق والجريان في الأفراد ، وهذا قسم آخر من عموم الوضع والموضوع له ، فيكون كلاهما من القسم الأوّل من الأقسام الأربعة للوضع ، والفرق بينهما واضح ، وتترتّب عليهما ثمرات :
منها : ما في القضيّة الحمليّة مثل : «زيد إنسان» ؛ إذ الملاك في الحمل هو الاتّحاد والهوهويّة في الوجود الخارجي ، وحينئذ إن كان معنى الإنسان هاهنا من قبيل الأوّل ـ أي نفس الماهيّة بلا قيد ـ فيكون بين «زيد» و «إنسان» اتّحاد في الخارج ، وأمّا إن كان معنى الإنسان من قبيل الثاني ـ أي الإنسان الساري في جميع الأفراد ـ فلا يكون بينهما اتّحاد وهوهويّة ، فإنّ زيدا متحد مع ماهيّة الإنسان لا مع الإنسان الجاري في جميع الأفراد ، إلّا أن نرتكب مجازا بأن نستعمل اللفظ الموضوع للكلّ ـ الإنسان المقيّد بالسريان ـ في الجزء ، فلا بدّ لنا من ارتكاب المجاز هاهنا إن كانت القضيّة حمليّة.
ومنها : ما في تقييد المطلق ، مثلا : إذا قال المولى : «اعتق رقبة» ثمّ قال في ضمن دليل آخر : «لا تعتق رقبة كافرة» فإن كان معنى الرقبة من قبيل الأوّل فلا يكون هذا التقييد مستلزما للمجازية في المطلق ؛ إذ الدال والمدلول متعدّد ، وأمّا إن كان من قبيل الثاني فيكون القيد في الدليل الثاني قرينة على أنّ المراد من الرقبة في الدليل الأوّل هي الرقبة المؤمنة ، ويستكشف منها مجازيّة هذا الاستعمال ، فيكون تقييد الإطلاق على الثاني مستلزما للمجازيّة.