للّفظ معان تبعيّة كما في ما نحن فيه.
ولكنّ التحقيق في الجواب : أنّه لا بدّ من توضيح نكتة هاهنا ، وبها يندفع الإشكال ولا نحتاج إلى الجوابين المذكورين ، وهي : أنّ صاحب الكفاية قدسسره لم يبيّن معنى الجزئيّة التي ذكرها في جملة : «سرت من البصرة إلى الكوفة» ، وكذا معنى الكلّيّة التي ذكرها في جملة : «سر من البصرة إلى الكوفة» ، ولا بدّ من توجيهه بأنّ السير الذي تحقّق في الماضي وكان المتكلّم في مقام الإخبار عنه كانت له خصوصيّات متعدّدة ، من قبيل تحقّقه في زمان معيّن وطريق معيّن ومع وسيلة مشخّصة ، وهكذا ، فيكون هذا المعنى جزئيّا خارجيّا. وأمّا في مقام الأمر في قولنا : «سر من البصرة إلى الكوفة» يكون السير المأمور به كلّيّا ؛ إذ المولى لم يقيّد تحقّقه بزمان كذا وطريق كذا و... فتحصل موافقة الأمر بامتثال كلّ مصداق من المصاديق ، ولا معنى للكلّية والجزئيّة سوى ذلك.
إذا عرفت هذا فنقول : لا شكّ ولا شبهة في أنّه لا دلالة للجمل الخبريّة على زمان السير وطريقه وسائر خصوصيّاته ، ولا تحكي عنها أبدا ، والالتزام بأنّ دلالة هذه الجمل ناقصة باطل إجماعا ومخالف للوجدان ، فيكون كلمة «من» في جملة : «سرت من البصرة إلى الكوفة» حاكية عن الواقعيّة المتعلّقة بالسير والبصرة ، وهي تمام معناها ، ولا دخل للزمان وسائر الخصوصيّات فيه ، ولا فرق في هذا المعنى بينها وبين جملة : «سر من البصرة إلى الكوفة» وكلتاهما تفيدان واقعيّة واحدة ، كالأسامي إذا استعملت في الجمل الإنشائيّة لا فرق بينها وبين ما إذا استعملت في الجمل الخبريّة ، فكيف يكون معنى كلمة «من» في الاولى جزئيّا وفي الثانية كلّيّا؟!
وبالجملة ، إنّما الحروف على قسمين : قسم منها يسمّى ب «الحكائيّة» وهي