السلبيّة في القضايا السالبة عبارة عن سلب النسبة ، وحينئذ ليست النسبة فيها موجودة ، فلا أصل ولا أساس لما قال به المشهور من تركّب القضايا من ثلاثة أجزاء ، وإن كان هذا منشأ لأكثر التعاريف والمباني في المنطق والاصول والعلوم الأدبيّة.
ومناط الحمل في القضايا ـ كما أشار إليه صاحب الكفاية قدسسره (١) في باب المشتقّ ـ هو الاتّحاد والهوهويّة ، وله مراتب ودرجات ، وأعلى مراتبه : عبارة عن الاتّحاد في المفهوم والماهيّة والوجود ، مثل : «الإنسان إنسان».
وثانيتها : عبارة عن الاتّحاد في الماهيّة والوجود ، مثل : «الإنسان حيوان ناطق».
وثالثتها : عبارة عن الاتّحاد في الوجود فقط ، وهي أدنى مرتبة الاتّحاد والهوهويّة ، مثل: «زيد إنسان». ومعلوم أنّ هذه القضيّة صحيحة إذا كان الحمل بمناط الاتّحاد في الوجود ، وأمّا إذا كان بمناط الاتّحاد في الماهيّة فهي قضيّة كاذبة ؛ إذ ليس بينهما اتّحاد في هذه المرحلة.
وأمّا النوع الثاني من القضيّة الحمليّة بالحمل الشائع الصناعي إذا كانت الحكاية بصورة «الجسم أبيض» و «زيد قائم» فلا شبهة في الاتّحاد بين الموضوع والمحمول في مرحلة الوجود ، إنّما الإشكال في سنخ الأخير منها ، مثل : «الجسم له البياض» ، و «زيد في الدار» ، فإنّ كلمة «في» تدلّ على الظرفيّة ، وهي واقعيّة ثالثة لا يمكن اتّحادها مع الموضوع أو المحمول ، فلا تكون جملة : «في الدار» قابلة للحمل على الموضوع ، كما أنّ البياض لا يكون قابلا للحمل على الجسم ، فلا بدّ لها من المتعلّق ، مثل كلمة «كائن» أو «ثابت» أو «مستقرّ» ،
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٨٤.