وموضوعات المسائل نسبة الكلّي ومصاديقه والطبيعي وأفراده ؛ إذ يمكن أن تكون نسبة موضوع العلم وموضوعات المسائل نسبة الكلّ والجزء ، مثل : علم الجغرافيا ، أو تكون نسبة الموضوع وموضوعات المسائل نسبة التساوي ، مثل : علم العرفان ـ فهو منوط بالمرحلة الرابعة من بحثنا وسوف يأتي إن شاء الله.
كما أنّ قوله بأنّ العلم لا يحتاج إلى موضوع مشخّص معلوم غير تامّ ، فإنّ علم الفقه موضوعه فعل المكلّف ، ولكنّ أكثر مسائله التي تبحث فيه لا ربط لها بفعل المكلّف ، مثل مسائل الإرث والنجاسات وأمثالها ، بل هي مربوطة بالمرحلة الثالثة من بحثنا ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
وأمّا إن قام الدليل على احتياج العلوم إلى الموضوع فلا منافاة بين ما تقدّم وما ذكره الاستاذ ؛ إذ العلوم وإن كانت في بادئ الأمر مهملة وناقصة ولكن نعلم بالبداهة أنّ المناطقة لم يبحثوا في ضمن مباحث المنطق عن مباحث علوم اخرى كالنحو والفقه ـ مثلا ـ وأنّ النقص والكمال لا ينفي احتياج العلم إلى الموضوع.
والمشهور من العلماء أقام دليلا على وحدة الموضوع ، فإن تمّ هذا الدليل فيثبت به أصل الاحتياج أيضا ، ولهذا الدليل مقدّمتان :
الاولى : أنّ كلّ علم يترتّب عليه غرض واحد وفائدة واحدة ، أي على أساس الغرض الواحد يدوّن علم واحد ، فمثلا : دوّن علم النحو لصيانة الإنسان عن الخطأ في المقال ، ودوّن المنطق لصيانة الإنسان عن الخطأ في الفكر ، وهكذا.
الثانية : أنّ الواحد لا يصدر إلّا من الواحد ، يعني لا تؤثّر أشياء متباينة على