استعمال في غير ما وضع له ، كما أنّ لفظ «الإنسان» إن استعمل في فرد خاصّ بحيث يدلّ على معنى خاصّ فأيضا استعمال في غير ما وضع له ، ولذا قلنا في قضيّة «زيد إنسان» : إنّ الحمل فيها حمل شائع صناعي ، وملاكه الاتّحاد في الوجود لا في الماهيّة ، بمعنى أنّ «زيدا» فرد من الإنسان.
وإذا كان حال الكلّي مع مصداقه كذلك ، فكيف حال استعمال لفظ «أسد» في الرجل الشجاع ، مثل قولك : «زيد أسد» و «أسد عليّ وفي الحروب نعامة»؟! ومن المعلوم أنّ هذا الاستعمال بطريق أولى استعمال في غير ما وضع له ، فلا بدّ من توجيه كلام السكّاكي بأنّ لفظ «أسد» هاهنا استعمل في معناه الحقيقي ، وهي ماهيّة كلّيّة ، ولكن في مقام التطبيق ادّعى أنّ الرجل الشجاع أيضا كان من أفراد هذه الماهيّة ، وهكذا في سائر الموارد.
الثاني : أنّ استعمال الأعلام الشخصيّة بعلاقة المشابهة في غير ما وضع له يكون بادّعاء العينيّة ، مثل لفظ «حاتم» الذي وضع لشخص خاصّ ، وليس له معنى كلّي إذا استعمل في كلّ من اتّصف بصفة الجود بادّعاء العينيّة ، بمعنى : أنّ لفظ «حاتم» استعمل في معناه الحقيقي ، ولكن ادّعي أنّ «زيدا» هو «حاتم» ، وهكذا في قول الشاعر الّذي استدلّ به ، فإنّ الشاعر ادّعى أنّ معشوقته عين الشمس ، ولذا أطلق الشمس عليها.
وذكر الشيخ محمّد رضا الأصفهاني قدسسره في هذا المقام في كتاب وقاية الأذهان كلاما قابلا للتأييد ، وتبعه تلميذه الإمام الخميني ـ دام ظلّه ـ (١) ، ولكن لا بدّ لنا من ذكر مقدّمة لتوضيح كلامه قدسسره وهي : أنّ الاصوليّين اختلفوا في أنّ تخصيص العامّ يستلزم المجازيّة فيه أم لا؟ والمتقدّمون منهم يقولون : بالاستلزام ،
__________________
(١) وقاية الأذهان : ١٠١ ـ ١٣٥.