المثل كأنّه هو ، فتكون الإرادة الاستعماليّة هاهنا أيضا متعلّقة بالمعنى الحقيقي ، وأمّا الإرادة فتتعلّق بالمعنى المجازي ، وليس على مبنى المشهور توجيه للمجاز المركّب.
هذا ، والفرق بين قول السكّاكي وهذا القول : أوّلا : أنّ كلامه منحصر بباب الاستعارة فقط ، بخلاف هذا القول فإنّه لا يختصّ بباب دون باب ، بل يشمل جميع المجازات.
وثانيا : أنّ الإشكالين المذكورين في كلام السكّاكي في أسماء الأجناس والأعلام الشخصيّة ، ثمّ توجيه كلامه بالوجهين المذكورين غير وارد على هذا القول ، ولا يحتاج إلى التوجيه والتأويل أصلا.
وثالثا : أنّ ادّعاء العينيّة أو الفرديّة في باب الاستعارة على مذهب السكّاكي يقع قبل الاستعمال ، ثمّ يستعمل اللفظ في المصداق الادّعائي ، وعلى ما قال به العلّامة الأصفهاني قدسسره يقع بعد استعمال اللّفظ حين تطبيق طبيعة الموضوع له على المصداق.
ولا يخفى أنّ هذا المعنى مؤيّد بلفظ المجاز ؛ إذ الحقيقة عبارة عن الأمر الثابت ، والمجاز ما اخذ فيه عنوان المرور ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «الدنيا دار المجاز ، والآخرة دار القرار» (١) ، فإنّا نمرّ على هذا المعنى من ممرّ المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي. هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ الدلالة اللفظيّة الوضعيّة على ثلاثة أقسام : المطابقيّة والتضمنيّة والالتزاميّة ، والمعنى المجازي لا يدخل في أحدها ؛ إذ المعنى المجازي معنى غير ما وضع له اللّفظ وغير مدلول له.
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٣.