ويؤيّده أوّلا : شيوع هذه الإطلاقات في المحاورات. وثانيا : انحصار بعض موارد التفهيم والتفهّم بهذه الإطلاقات ، مثلا : إذا أمر الاستاذ تلميذه بتركيب جملة «جاء زيد من السفر» فلا بدّ له من القول : بأنّ «جاء» فعل و «زيد» فاعله ، فلا دليل على انحصار الإطلاقات الصحيحة في الحقيقة والمجاز ، بل هذه الإطلاقات أيضا صحيحة.
وأمّا القسم الرابع ـ يعني إطلاق اللفظ وإرادة شخصه ـ كما إذا قال الاستاذ لتلامذته : «تلفّظوا كلّ واحد منكم بلفظ» ، وقال أحدهم : «زيد لفظي» ، وآخر مثلا : «بكر لفظي» ، وهكذا.
ولكن استشكل صاحب الفصول (١) في صحّته بأنّه إن اعتبر دلالته على نفسه حينئذ لزم اتّحاد الدال والمدلول. وإن قيل : لا دلالة له على شيء لزم تركّب القضيّة من جزءين ؛ لأنّ القضيّة اللفظيّة المركّبة من ثلاثة أجزاء تكون حاكية عن المحمول والنسبة لا الموضوع ؛ إذ لم يكن لكلمة «زيد» مفاد ومدلول ، ولم تكن حاكية عن شيء ، فتكون القضيّة المحكيّة بها مركّبة من جزءين مع امتناع التركّب إلّا من ثلاثة ؛ ضرورة استحالة ثبوت النسبة بدون المنتسبين.
وأجاب المحقّق الخراساني (٢) عن الأوّل بقوله : يمكن أن يقال : إنّه يكفي تعدّد الدال والمدلول اعتبارا وإن اتّحدا ذاتا ، فمن حيث إنّه لفظ صادر عن لافظه كان دالّا ، ومن حيث إنّه نفسه وشخصه مراده كان مدلولا.
وعن الثاني بقوله : إنّ حديث تركّب القضيّة من جزءين لو لا اعتبار الدلالة
__________________
(١) الفصول الغروية : ٢٢.
(٢) كفاية الاصول ١ : ٢٠.