في البين إنّما يلزم إذا لم يكن الموضوع نفس شخصه ، وإلّا كان أجزاؤها الثلاثة تامّة ، وكان المحمول فيها منتسبا إلى شخص اللفظ ونفسه ، غاية الأمر أنّه نفس الموضوع لا الحاكي عنه ، بمعنى أنّ الموضوع في القضيّة الملفوظة والمحكيّة هو كلمة «زيد» ولا إشكال فيه.
ولكنّ التحقيق في الجواب ـ بعد القول بأنّ كلام صاحب الكفاية في مقام الجواب كان في محلّه ـ : أنّ البحث هاهنا في مقام إثبات صحّة هذه الإطلاقات ، وأمّا البحث عن تسميتها فهل لها دخل بالاستعمال والدلالة أم لا فسيأتي إن شاء الله في المقام الثاني ، وهو متفرّع على إثبات أصل الصحّة.
وأمّا المقام الثاني : فهو هل أنّ لعنوان الاستعمال والدلالة دخلا في هذه الإطلاقات أم لا؟ وتوضيح المقام يتوقّف على بيان مقدّمة : وهي أنّ الاستعمال عبارة عن طلب عمل اللفظ في المعنى بحيث إن سمع لفظ «زيد» ينقش صورة منه في ذهن السامع لا عينه ، فإنّ عين اللفظ كالوجود الخارجي لا يمكن إتيانه في الذهن ، فإنّهما متباينان ولا يجتمعان ، وهذه الصورة الذهنيّة تكون بمنزلة المرأة للانتقال إلى المعنى.
إذا عرفت هذه فنبحث في كلّ واحد من الأقسام على حدة ، ونبدأ من القسم الأخير ، وهو أن يقول : «زيد لفظي» وأراد به شخصه ونفسه ، فهل ينطبق عنوان الاستعمال المذكور عليه بمعنى أنّه دالّ على شخصه ، وأنّ المتكلّم استعمل اللفظ في شخصه أم لا؟ والظاهر أنّه لا ينطبق ؛ إذ ملاك الاستعمال ليس بموجود ، فإنّ المتكلّم إذا قال : «زيد» يوجد في الذهن الصورة الذهنيّة منه ، ثمّ يتوقّف فينظر إذا كان المحمول مثل «قائم» وأمثال ذلك ينتقل منه إلى الوجود الخارجي ، وإن كان المحمول كلمة «لفظي» وأمثاله فيتوقّف فيه ولم