ينتقل إلى شيء ؛ إذ لا يوجد شيء حتّى ينتقل إليه.
ولا يخفى أنّ كلام صاحب الكفاية في مقام بيان المغايرة الاعتباريّة بين الدالّ والمدلول لا يخلو من إشكال ، فإنّ لازم كلامه تقدّم مقام الصدور على مرحلة الدلالة ، فإنّه يقال : إنّ لفظ «الأسد» بما أنّه لفظ صادر من المتكلّم فهو دالّ ، مع أنّ اللفظ الدال صدر من المتكلّم ، ومعلوم أنّه لم يقل : إنّ اللفظ صادر من المتكلّم يدلّ على معنى كذا ، ويشهد لذلك عدم اعتنائه قدسسره في مقام الاستعمال بهذه المغايرة ، وعدم قبوله الاستعمال في هذا القسم من الأقسام ، ولذا لا شكّ ولا شبهة في أنّ الاستعمال ليس بموجود هاهنا.
وأمّا القسم الثالث ـ وهو إطلاق اللفظ وإرادة مثله ـ والظاهر أنّ الاستعمال فيه متحقّق وإن خالف فيه بعض الأعاظم ؛ وذلك لأنّ الملاك المذكور للاستعمال موجود فيه ، فإنّ اللفظ الصادر من المتكلّم موجد للصورة الذهنيّة للمخاطب ، وينتقل منها إلى شيء آخر ، ولكنّه لا يكون من مقولة المعنى بل من مقولة اللفظ ، مثلا قال قائل : «جاء زيد من السفر» ، وأنت تقول : كلمة «زيد» في هذه الجملة تكون فاعلا ، وهذا الإطلاق إطلاق اللفظ وإرادة فرد آخر ، فالاستعمال يكون متحقّقا ، غاية الأمر أنّ المستعمل فيه غير الموضوع له.
ولكن ناقش فيه استاذنا المرحوم السيّد البروجردي قدسسره (١) بأنّ اللفظ الصادر من متكلّم غير اللفظ الصادر من متكلّم آخر ؛ لأنّ لهما خصوصيّتين بلحاظ متكلّميهما ، ولكنّ المخاطب يتوجّه ذهنه إلى صرف الطبيعة غافلا عن خصوصيّاتها ، وينتقل بقرينة الحكم إلى الحصّة المتحقّقة منها في ضمن الشخص المراد ، فلا يراد من إلقاء اللفظ إلى المخاطب وإيجاده في ذهنه أن ينتقل
__________________
(١) نهاية الاصول ١ : ٣٤ ، الحجّة في الفقه ١ : ٤٠ ـ ٤٤.