منه إلى شيء آخر ، فلا يكون في هذا المورد استعمال وإفناء للفظ في شيء آخر ، فلا يصحّ إطلاق لفظ الاستعمال ، فإنّ المقصود من ذكر اللفظ هو تحقّق نفس طبيعة اللفظ في ذهن المخاطب لا بما هي هي ، بل بما أنّها مرآة لأفرادها.
ولكنّ التحقيق أنّه ليس بتامّ ، فإنّ المتكلّم إذا قال : زيد في كلام القائل فاعل ، تصوّر «زيدا» الصادر من المتكلّم ، ثمّ استعمل كلمة «زيد» فيه ، وكان المستعمل والمستعمل فيه متعدّدا بالوجدان ، ولا دخل لغفلة المخاطب وتوجّهه في هذا المعنى ، ويشهد لتعدّدهما تعدّد المتكلّم ، وكلامه قدسسره خارج عن محلّ النزاع كما لا يخفى ، وهذا المعنى مسلّم كما قال به صاحب الكفاية قدسسره.
وأمّا القسم الأوّل والثاني ـ أي إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه ـ فحكمهما واحد ولا معنى للتفصيل بينهما.
وقبل بيان تحقّق الاستعمال وعدمه فيهما لا بدّ لنا من ملاحظة كلام المحقّق الخراساني (١) هاهنا ، وهو يقول ابتداء : إنّه يمكن أن يقال : إنّه ليس من باب الاستعمال ما إذا أطلق اللفظ واريد به نوعه أو صنفه ، كما تقول : «زيد لفظ» ، فإنّ كلمة «زيد» فرد من النوع ومصداقه ، لا أنّه لفظ ، والنوع معناه كي يكون مستعملا فيه استعمال اللفظ في المعنى ، فلا يكون في البين لفظ قد استعمل في معنى ، بل فرد قد حكم في القضيّة عليه بما هو مصداق لكلّي اللفظ ، لا بما هو خصوص الجزئي ، ونظيره قولك : «زيد متعجّب» ؛ إذ هو بما أنّه فرد من أفراد الإنسان كان موضوعا للتعجّب لا بما أنّه «زيد» ؛ إذ لا خصوصيّة فيه.
واحتمل ثانيا تحقّق الاستعمال في ما نحن فيه ، بمعنى أنّه إذا لوحظ خصوصيّة لفظ «زيد» بعنوان المستعمل ـ غاية الأمر أنّ المستعمل فيه هو
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٢.